من عادتي أن أتصفّح الأخبار كلّ يوم كذلك المراسلة عبر مواقع التّواصل الاجتماعي، وبينما أقلّب الصّفحات لفت نظري إعلان عمل على إحدى الصفحات الرّسمية لبلد عربي مع التحفّظ على ذكر اسمه، كانت الطّلب ينصّ على حاجة إحدى الشركات لأيدي عاملة ذات خبرة عملية ضمن شروط معيّنة والأهمّ من ذلك كان محتوى الشّرط الأخير يفيد بأنّه ليس من الضّروري لمقدّم الطّلب أن يكون من نفس البلد.
فرحتُ كثيراً وقلت عسى أن يكتب الله لي الخير في ذلك العمل واستخرتُ ربّي داعياً التّيسير وبدأت بالإجراءات المطلوبة، استغرق ذلك مدّة اسبوعٍ كامل حتّى أتى فقط الرّد الّذي يقول: (عليك بتقديم الأوراق الثّبوتية والانتظار حتى يتمَّ الردُّ بالموافقةِ أو الرّفض).
ثمّ أخذت بجمع التّدابير والاحتياجات اللّازمة لما بعد الموافقة لأنّي كنت واثقاً من نفسي بتوافق الشّروط المطلوبة واعتبرتُ أن المسألة تحتاج بعض الوقت.
كانت فترة انتظار الجواب أشبه بحكم قضاء على سجينٍ وهو ينتظر مدّة عقابه أو ما نوع العقوبة الّتي سيخضع لها أمام المحكمة العليا والنّاس من حوله بين شامتٍ ومتعاطف، لكن أعتقد أن طلب العمل لا يحتاج إلى محامٍ والتّحقيق المتواصل فقد كنت أتلقّى اسبوعياً اتصالاً من الشّركة بسؤال الموظف لي عن اسمي وعنواني ورقم هاتفي والتأكّد من المعلومات المُقدّمة وفي نهايةِ المكالمة كان يختِم قائلاً: انتظر منّا اتّصالاً.
وبعد مرور ثلاثة أشهرٍ أخرى أصبحتُ متأكّداً أنّي كنتُ ضحيّةً سقطت بين سلاسلِ الجلّاد(موظّف الشّركة) الّتي حكمت عليَّ بأقسى حكمٍ عرفه التّاريخ في السّجون وهو الانتظار عبثاً بلا نتيجة ، بعدها لم أعد ألقي لها اهتماماً وقطعت تفكيري بها نهائياً وكأنّ شيئاً لم يكن .
مرّت الأيّام والشّهور وكنت قد انضممت إلى مركز الشّباب المحلّي في مدينتي وأخذت منصباً وظيفياً جلب لي كثيراً من الرّاحة وأصدقاء الوفاء فقد كنت ممنوناً من ذاك العمل لدرجة أنّي لم آبه لساعات الدّوام وأيّام العطلة وفي نفس الوقت لم أكن مقصّراً تجاه زملاء العمل بصفتي مشرف الأعمال التنفيذية وهذا ما زاد من ثقتي وجعلني محبوباً من قبل الجميع.
بعد تولّي ذلك المنصب بتسعةِ أشهر تقريباً وفي مساء يومٍ حسِبتُه صفاءً لروحي من مواضيع العمل والانشغال بها تلقّيتُ اتصالاً مجهول الرّقم والهويّة ، قمتُ بالرّد على الفور ولم أكن أدري من المتّصل وإذ بشخص يقول: أنا موظّف من شركة..... حضرتكم قمتم بتقديم أوراق طلب عمل في هذه الشّركة و نأسف لإعلامكم أنّ طلبكم لم يُوافق عليه من قبل الإدارة العامّة بسبب قِصرِ قامتكم ..!!
نعم لم يكن يمزح أبداً فقد تبيّن أن المواصفات الشخصية لمقدّم الطلب يجب أن يتجاوز طوله مئة وسبعون سم وطولي لا يتجاوز مئة وستّين فهل يا ترى أصبح طلب العمل اليوم يحتاج لشراء الطّول بدلاً من الخبرة .