كم جذبتني تلك العبارة كم شدتني و أثارت شجوني و حركت أحاسيسي و أخذت فيضا من مشاعري ، نعم .. هي مجرد عبارة لكنها ذات مدلول و معنى كبيرين ، فهي تختصر لك مجلدات ضخمة و عناوين عدة في أهمية القراءة و مضمونها ، قد تستغرب أخي القارئ ما هذه الجملة التي أتحدث عنها و إلى أي مدى هي رائعة و آخاذة ، و لأنها كذلك وضعت شعارا لأحد البرامج الثقافية التي تشجع و تحث على القراءة في متوسطة المسعودي و تحديدا في جماعة المنتدى التي تعد واجهة للمدرسة و التي يشرف عليها الأستاذ الطموح بدر الفايز ، حيث استقبلنا يومها بصدر رحب و تحدث لنا عن مشاريعهم في المنتدى ، و من ثم أشار لنا إلى لوحة كتب عليها شعار إحدى برامجهم التي تشجع على القراءة ، و هي واحدة من أروع الحكم التي رأيتها ، حيث كتب على اللوحة :
( اقرأ مضمونها في عكسها (ارق) ! ! ) نعم ارق واصعد و حلق عاليا في سماء العلم و المعرفة و امض في طريق المجد و النجاح فما دمت تقرأ فأنت أهل لذلك كله . فالقراءة هي سمة بارزة لأهل التميز و الإبداع و لأبرز قادة العالم ، أما يكفيك أخي القارئ بأن اقرأ هي أول كلمة نزلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم! ألم تطلع على سير العلماء و الأدباء كيف و أنهم بدأوا حياتهم بالقراءة ! ألم تفتش في كتب عظماء التاريخ فتجد بأن الكتاب هو صديقهم الأول ! ألم تسمع بهده الحكمة ( و خير جليس في الزمان كتاب ) من المؤكد بأنك سمعتها مرارا و تكرارا ! ألم تعلم بأن من أهم معايير نهضة الأمم يكون بمدى إقبال الناس على القراءة و طلب العلم ! . فالقراءة هي سمة عظيمة لمن اكتسبها و الكتب هي كنز عظيم لمن امتلكها و المواظبة عليهما ثروة عظيمة ليست للشخص نفسه فحسب !! بل للأمة بأكملها ، فوجود قارئ ينبئ بوجود مثقف و وجود مثقف يبشر بنشأة كاتب ينضم إلى ركب الكتاب في هذه الأمة ، فالكتابة هي وسيلة لتحقيق الغايات و قد تكون بادرة للتغيير الإيجابي في المجتمع و غيرها من أهداف الكتابة التي لا تستقيم إلا بكثرة القراءة ، و القراءة أيضا هي سلاح ذو حدين و كذلك الكتابة ، فإما للخير أو للشر و الفطن من تنبه لهذا الأمر و أحسن اختيار الكتب بما تعود عليه بالمنفعة .
و لا تقتصر الفائدة من القراءة على المعلومات الجديدة و الثقافة المديدة بل لها فوائد عديدة لا تعد و لا تحصى ، و منها : اكتساب الأسلوب الجيد و المعرفة الواسعة و النظرة الثاقبة للأمور و القدرة على التخيل و التحليل و غيرها من مضامين القراءة و التي هي بلا أدنى شك سبب في الإرتقاء و تبوء المناصب الرفعية و المكانة العالية في المجتمع .
فنصيحة محب لكم و طامح لنجاحكم و ساعي في سبيل تغييركم ، بأن تقرأوا و تواظبوا على القراءة و لو لمدة يسيرة من كل يوم ، بدلا من ساعات فيما لا فائدة منه ، و أيضا اجعلوا للقرآن النصيب الأكبر من القراءة فهو أولى بذلك ؛ فمن قرأه و واظب على حفظه سينال بإذن الله الأجر و الخير و البركة .
هيا فلنقرأ كي ننهض بأمتنا ، و لنقرأ كي ننير عقولنا ، و لنقرأ لنعيد لغتنا إلى سابق عهدها ، فلنقرأ كي نرقى .
نبض الكلمة : القراءة ليست مجرد تقليب للصفحات و حفظ للاختبارات ، بل هي عالم آخر لا يشعر به إلا من قرأ و عاش مع الورق .
بقلم : عمر الجمل .