تحذير: الجزء القادم من كتاب دليل المسافر للمجرة لـ دوغلاس ادمز.
- بعد سبع ملايين سنة ونصف السنة من الحسابات، التف الجميع حول الكمبيوتر الخارق، Deep Thought، ليستمعوا إلى الإجابة المنتظرة.. للحياة، والكون، وكل شيء، إنها (الإجابة) التي ظل يبحث عنها الجميع حتى ارهقتهم.. وحين حان موعد الإجابة المنتظرة، وسط الاحتفالات التي تعم المدينة بالإجابة المنتظرة، تقدم فويكشج وزميله لوونكيوال نيابة عن المدينة لـ يستلموا الإجابة من الكمبيوتر Deep Thought الخارق، (الذي يبلغ حجمه حجم مدينة) الذي اخترعه اسلافهم وثم كلفوه بمهمة البحث عن الإجابة عن الحياة، والكون، وكل شيء..
- وحين باشروه بالحديث عن إذا ما كان قد توصل للإجابة.. قال Deep Thought : "نعم.. ولكنها لن تعجبكم".. ولكن أصر فويكشج و لوونكيوال على معرفة الإجابة.. إنها الإجابة للحياة، والكون، وكل شيء!!.. ومع تمهيد Deep Thought واصرار الرجلين.. اعترف Deep thought بالإجابة التي استغرق حسابها 7.5 مليون سنة قائلاً : "حسناً، الإجابة للحياة، والكون، وكل شيء .............. 42 ! "!!
- انصدم فويكشج و لوونكيوال وطالبا Deep Thought بأن يتأكد مجدداً سبع ونصف الملايين سنة ذهبت لـ اثنان واربعون؟، ولكن Deep Thought رد بكل بساطة: "لقد فكرت في الامر ملياً، والإجابة هي بكل تأكيد 42!"
- حكمة Deep Thought لم تنتهي هنا، ولأن Deep Thought ادرك اين المشكلة اردف يقول: "المشكلة ليست في الإجابة.. المشكلة أنكم لا تعرفون ما هو السؤال أصلاً!" .. فرد فويكشج و لوونكيوال: "بكل تأكيد نعرفه.. السؤال عن الحياة، والكون، وكل شيئ!" فأجاب Deep Thought: "ولكن ماهو السؤال"؟ هنا أدرك الرجلان بأنهما يملكان إجابة لسؤال لا يعرفانه.. وكعادة الكائنات المتقدمة جداً في الحماقة، توسلا Deep thought إذا كان يستطيع أن يخبرهم ماهو السؤال، ولكنها مهمة صعبة، صعبة حتى أكثر من البحث عن الإجابة، واصعب حتى على Deep Thought نفسه.. فأجاب Deep Thought: "امر مخادع!.." وبعد مرور بعض من الوقت.. اجاب Deep Thought " لا.. ولكني استطيع ان اخبركم من يمكنه أن يخبركم السؤال!!" .. وكعادة الكائنات المثيرة للشفقة.. توسل الرجلان مجدداً ليخبرهم من سيطلعهم على السؤال.. فأجاب Deep Thought : "أنا اتحدث عن الكمبيوتر الذي سيأتي بعدي! الكمبيوتر الذي انا لست بجدير بحساب حتى تعريفات معادلاته الرياضية.. ورغم ذلك.. انا من سيصممه، كمبيوتر سيعطيكم السؤال للإجابة المطلقة، كمبيوتر بالغ التعقيد لدرجة أن الحياة نفسها ستتخذ جزء من مكوناته، وأنتم بنفسكم ستتخذون هيئات جديدة وتغوصون في اعماق الكمبيوتر الذي سيلزمه ١٠ مليارات سنة ليخبركم بالسؤال عن الحياة والكون وكل شيء.. ولذلك سأسميه.. الأرض!!"
كان هذا اقتباس -بتصرف- من كتاب دليل المسافر للمجرة لـ دوغلاس ادمز.. دليل المسافر للمجرة الذي سُمي الكتاب عليه هو كتاب وهمي.. "ويكيبيديا" للمجرات لـ يقود كل أولئك الذين يريدون السفر في المجرة عبر رحلتهم.. فـ بعدد صفحاته الذي يتجاوز الـ ٦٠٠ ألف سيخبرك أي شيء من كوكب اسطوري مثل ماجارثيا او عن وحوش الفوغونز او حتى عن اهمية منشفتك (التي بالمناسبة لو علم الـ ستراغز انك لا زلت تملكها، سيكنون لك الكثير من الاحترام ولن يستهينوا بك ابداً!) .. ولكن ما يميز هذا الكتاب بازراره البسيطة وشاشته الجيدة وقدم معلوماته هو أنه يقرأ على غلافه جملة واحدة بخط كبير : " DON'T PANIC! لا تذعر !! "
لا تذعر.. لعلها الجُملة المناسبة لكل أولئك الذين يسافرون فالمجرة ويشاهدون أشياء لم يشاهدوها من قبل (لذلك يحتاجون لهذا الكتاب بكل تأكيد).. إنها جُملة مناسبة لكل أولئك الذين سينظرون إلى شيء غير الذي ألفوا إليه.. ربما حين يجربون الـ "بيتزا" في كوكب هواليس، او يستمعون لـ قصيدة رديئه من احد الفوغونز، او ينظرون للنجوم الحمراء ليلاً في كاكرافون!.. لأن المخلوقات بطبيعتها تخاف ما لا تألفه.. ولأننا حين نبحر في الفضاء بحثاً عن شيء لم نعرفه.. او هرباً من شيئٍ ما نألفه.. فـ لابُد أن لا نفزع..
أما نحن، فنحنُ في كوكب الأرض، وربما كان يريد أن يخبرنا دوغلاس ادمز بأن الأسئلة، كل اسئلتنا التي سألناها يوماً، مكانها الأرض.. ولكن اجاباتها.. ليست بالضرورة هُنا.. إننا إذا اردنا أن نسأل الأسئلة المناسبة، عن مكاننا في الكون، عن الهدف من حياتنا، عن إذا ما كان هناك شيئ آخر غير الذي ألِفناه، عن إذا ما كان هناك حقاً مطعم جيد في النظام الشمسي لـ كوكب "بييتلجوس" مثلما يدعي البعض.. فإننا يجب ان نملك الشجاعة الكافية، لنبحث عن الإجابات، في غير المكان الذي طرحنا فيه الأسئلة، ذلك أنهُ لو وُجِدت الإجابات هُناك.. لما استمررنا بـ طرح الأسئلة من البداية!!
ولعل لهذا السبب حين ارسل ايلون مسك، مؤسس SpaceX و Tesla سيارة Tesla إلى الفضاء الخارجي كتب على شاشتها الجملة التي ينطق بها دليل المسافر إلى المجرة: DON'T PANIC! لا تهلع.. إذ أنه في رحلة البحث عن الإجابات ينبغي أن نملك الشجاعة الكافية، لأنه حتى وإن لم نصل للإجابة فنحن نملك الأسئلة.. نحن لسنا ممن يملكون الإجابة ولا يملكون السؤال.. نحن كنا هُنا.. وبحثنا عن شيئ أكبر منا!
اما لمن يسأل ماهو السؤال المطلق للحياة والكون وكل شيئ الذي إجابته 42.. فالسؤال يجب ان تبحث عنه.. في الكمبيوتر.. الذي اسمه"الأرض" !
تحياتي/ دين.
"وُلِد البشر على الأرض.. ولكن هذا لا يعني أن عليهم أن يموتوا هُنا!"