لا أتذكر جيدًا متى حدث هذا ولا كيف بدأ، ولكن المؤكد أنني لا أريد الخوض في تفاصيله.. تلك الحادثة التي توقفت عندها مرتعدًا يجلس القرفصاء باكيًا كطفل صغير.. لم أفسر ماذا يحدث لي! لقد شُل تفكيري وغابت شمسي وخُسف قمري ليخيم عليّ سواد نفسي وما أحلكه!                                                        ذلك الوحش المكبل قد فرَّ من أغلاله وجثم على صدري ضاحكًا.. لقد أصابني في مقتلي الذي هو نقطة قوتي! وكأنه كان يقرأ أفكاري ويحلل دهاليز نفسي حتى يتمكن منها، أُصبت في فكري الذي شُل تمامًا وأصابته سهام شك في كل شيء له علاقة بمعتقداته.. وهذه لم تكن حرب على معتقد بل على كيان! هذا ما كنت أرمي إليه طيلة السنوات السابقة في كتاباتي! تلك هي أسلحتي الشريرة التي أقصيتها في غيابات نفسي حتى ذلك اليوم الذي دقت فيه عنقي.

 هذه أول مرة يخط فيها قلمي شيئًا من بعد هذه الحادثة، تلك المرحلة الهلامية التي تشعر فيها بالقلق رغم السعادة.. الهلع من العودة والاستسلام، كل شيء باهت أمام تلك اللحظة الغابرة التي تخر فيها صريعًا لا تعرف ماذا تفعل وتتمنى فيها بكل صدق "يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيًا منسيًا"! وهذا هو حد البلاء الأعظم لو تعلمون.