حياتي كانت مليئة بالمصائب التي لم تحدث بعد.         -مارك توين

تلك الكلمات التي زعزعت شيءٌ ما بداخلي قرأتها بقلبي وعيني ونُقشت أحرفها بعقلي وكأنها أحفورة ملك في لوحٍ محفوظ ، ياترى من يفهمنا حقاً ومن يعي مانخوض ؟جميعنا نحمل أفكار وتساؤلات ،خيالاتنا التي لا أفق لها وتساؤلاتنا التي لامداد لها شيءٌ ما حدث لنا وأصابنا بهوس فهم مسلمات كل شيء يحدث بداخلنا والقتال من أجل أن نفكك شفرات عقلنا ،أتذكر عندما تخلّد عقلي في خضم أحداث لم تمتلك الشجاعة في أن تطل على مشارف واقعي أتذكر جيداً عندما إنغمست في دوامة صراع وأحداث كانت كفيلة بأن أفقد نفسي بسببها - من وماذا ولماذا وأين وهل حقاً ؟

أصبحت شاحباً كالكهل في أرذل العمر لم أستصغ طعم الحياة التي إلتقطت أنفاسي الأولى من أجلها .. لفترة كل شيء حولي أصبح باهت أتعسس علني أجد علبة ألواني لأعيد تلوين الحياة، ماذا حدث حقاً حتى سقطت هكذا ! أستلقيت أياماً تتلو أيام دون حراك أتنقل في صراعات عقلي ..تارةً أحاول جاهداً أن أنهي هذه الحرب وتارةً أحاول رفع راية الإستسلام والهزيمة ، وتارةً ! أشارف على دفع الدفة لنُصرة ثوار قُتل منهم الآلاف، صراعاتٌ تيتّم بسببها الكثير من خلايا عقلي وتجلطت بعض الدماء في خنادقها ،كل ذلك كان من أجل أن أتسلق ناصية النصر ،كل ذلك من أجل معركة خاسرة خضتها مع عقلي فقط ، ثم ماذا ؟ أغلقت عيني وأعدت ترتيب تلك الصفوف المنهكة ودفنت أولائك الشهداء وزرعت الورد بجانب كل قطرة دمٍ سُكبت وتنقلت مرةً أخيرة بين تلك الصراعات ولكن هذه المرة من أجل أن ينعم الجميع في سلام.ونهض أخيراً ذلك الفارس من بعد أن كان جاثياً على ركبتيه وتسلقنا القمة سوياً .


كلٍ منا يعيش حيوات في هذه الحياة ،حياةٌ في عقله وحياته التي في متناول يديه متى ما أزدهرت حياة عقله أثمرت حياته التي بين يديه ،آمنت إيمان خلال تلك الملحمة أننا بشرٌ تائهون ضعفاء مهما بلغنا من العتي والقوة إلا أننا أحيان لانستطيع السيطرة على
أحداثنا الداخلية فتصبح هي الأخرى تبث إشارات سلبية على حياتنا الواقعيه وتمنحها عتمة حالكه نظن أن لا مفر منها .. خلال تنقلي ذاك الأخير رأيت أحدهم من بين أدخنه متصاعده لا أكاد تمييز هيئته رأيته مقبلاً مهرولاً متجهّم الوجه عيناه تفور غضباً وفي يديه شيءٌ مشتعل،أما نظراتي الأولى أوحت لي بأنه أحد أولائك الجند الذي سيثور لمقتل أخاً له عايشه منذ نعومة أنامله حتى إقترب مني وتوقف يلقط أنفاسه نظرت له وتقلبت نظراتي متعجّبه متسائله أمازال الذي بين يديه مشتعل وماهذا الذي يحمله بالأصل ماهذه الشعله التي بددت الأدخنه المتصاعده وأنارت تلك الليلة المظلمة ؟ أما حبل تلك الأسئلة فقد قُطع عندما قال : الجميع يخسر الجميع سيتبدد من هذه العتمة أتيتك حاملاً مابين يدي لأجل أن تتشبث بها لا أحد يعلم كم من النزاعات تحدث بداخلك يوميًا وكم يكلفك الأمر لتبدو بخير أنت وحدك قادرٌ على قلب الموازين إهرع بتلك الشعلة مبدداً ظلمات عقلك كل شيء يبدأ الآن ومنك وبك، إذهب ! هنالك فارسٌ فأنتشله فهو لايزال جاثياً يظن أنه خسر ،لايوجد هنا مايستحق أن تخسر لأجله جميعنا خيالات خلقها عقلك وسنتبدد لحظة تسلقك القمة، نعم الطريق وعر ولكن بين يديك مثل الذي كان بيد موسى وذلك الفارس ليس إلا سفينة نوح أُرسلت إليك ،أنت قطعت ألاف الأميال تفكيراً لأن تكون هنا أيضاً بإستطاعتك أن تقطع مئات الآلاف لتكون فوق تلك الهضبة لتتخلص من كل مايجوب عقلك لايوجد أخطر مما جلبك هنا ولن يكون هنالك خطرٌ يُعيدك هنا مرةً أخرى ، أضئ ظلمات عقلك كل هذه الذكريات المحيطة والتساؤلات لن تساعدك على المضي قدماً في واقع حياتك إنما تُهلك ثمارها وتُحرق ربيع عمرك أزهر مجدداً فمازلت تستطيع لطالما أنك تلتقط أنفاس هذا العبير ، أنر عتمتك فأنت ضياء نفسك ، الحياة تبدو جميلة عندما تمتلك نزعة التغيير بنفسك ولأجل نفسك، فـعندما تكون سيّد قرارك الصائب وأن تكون نصير نفسك، قلب صفحات حياتك فمهما بلغت من الأمر عتياً فأنت قادر على النهوض مجدداً ..مهما غُرزت السهام في قلبك فأنت قادرٌ على إنتزاعها وتذكّر ‏"مايستغرق عمراً كاملاً ليحدث، يستغرق أيضاً عمراً كاملاً للخلود".