بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله....
وقفات مع الشعر الأندلسي
الشاعرة حسانة التميمية الأندلسية
هي حسانة بنت عاصم ( ابو المخشي) بن زيد بن يحي بن حنظلة بن علقمة بن عُدي بن زيد بن حمّاد بن أيّوب العبّادي التميمي ، كان ابوها من أهل الأندلس وكان والده ( جدها ) من جند الشام ، إتّجه أبي المخشي إلى مجال الشعر ونبغ فيه حتّى أصبح لامعاً .
ولدت في أواخر حُكم عبد الرحمن الأوّل أي بحدود سنة \140 هجرية - 758 ميلادية ، وتعتبر من أقدم الشاعرات العربيات في الأندلس ، كان أبوها أبو المخشي شاعراً مميّزاً في الأندلس ، ولمّا توفي أبوها كتبت حُسّانة إلى الحَكَم تمدحه وتشكو ما آلت إليه حالها بعد فقدان أبيها في قصيدة ميمية منها قولها :
إني إليك أبا العاصي موجِّعةً
أبا الحسين سَقته الواكفُ الدّيم
قد كنت أرتع في نعماه عاكفة
فاليوم آوي إلى نعماك يا حكم
أنت الإمام الذي انقاد الأنام له
وملكته مقاليد النهى الأمم
لاشيء أخشى إذا ماكنت لي كنفا
آوي إليه ولا يعرو لي العدم
لازلت بالعزة القعساء مرتدياً
حتى تذل إليك العرب والعجم
فإستحسن الحكم شعرها وجعل لها راتباً وكتب إلى عامله على (البيرة ) فجهزها بجهاز حسن .
وفدت على عبد الرحمن بشكية من عامله جابر بن لبيد والي( البيرة) وكان الحكم قد وقع لها بخط يده تحرير أملاكها فلم يفدها فدخلت إلى الإمام عبد الرحمن فأقامت بفنائه وتلطفت مع بعض نسائه حتى أوصلتها إليه وهو في حال طرب وسرور فانتسبت إليه فعرفها وعرف أباها ثم أنشدته:
إلى ذي الندى والمجد سارت ركائبي
على شحط تصلى بنار الهواجر
ليجبر صدعي أنه خير جابر
ويمنعني من ذي الظلامة جابر
فإني وأيتامي بقبضة كفه
كذي ريش أضحى في مخالب كاسر
جدير لمثلي أن يقال مروعة
لموت أبي العاصي الذي كان ناصري
سقاه الحيا لو كان حياً لما اعتدى
على زمان باطش بطش قادر
أيمحو الذي خطته يمناه جابر
لقد سام بالأملاك إحدى الكبائر
ولما فرغت رفعت اليه خط والده وحكت جميع أمرها. فرق لها وأخذ خط أبيه فقبله ووضعه على عينيه وقال:
- تعدى ابن لبيد طوره حتى رام نقض رأي الحكم، وحسبنا أن نسلك سبيله بعده ونحفظ بعد موته عهده، انصرفي يا حسانة فقد عزلته لك.
ووقع لها بمثل توقيع أبيه الحكم. فقبلت يده وأمر لها بجائزة، فانصرفت ولما وصلت يسكنها بعثت إليه بقصيدة منها:
ابن الهشامين خير الناس مأثرة
وخير منتجع يوماً لروّاد
إن هز يوم الوغى أثناء صعدته
روّى أنابيبها من صرف فرصاد
قل للإمام أيا خير الورى نسبا
مقابلا بين آباء وأجداد
جودت طبعي ولم ترض الظلامة لي
فهاك فضل ثناء زودتني زادي
فإن أقمت ففي نعماك عاطفة
وإن رحلت فقد زودتني زادي
والملاحظ في شعرها انه مزيج من الرثاء والشكوى والمدح وطلب المعونة وهو على جانب كبير من النضج الفني والتركيز العاطفي المتسم بالصدق والصراحة.
فهد الزمام الموسى
علم اجتماع