"

لا أعرف كيف يمكن للمرء أن يشرح لمحيطِه أن الحياة بالرغم من فسحتها تضيقُ احياناً ، تضيقُ لدرجة أنها قد تعجن قلبك بين يديها ...

لا أعرف تماماً كيف أشرح لك -أنت- ياحبيبي الغاضب على الدوام أني ولأسبابٍ تعرفها ؛

خَبوت ، تماهيت تدريجياً ، كما لو أنِي شمعة تحاول بالرغم من الذوبان أن تظلّ متمسكة بفتيلها الذي يحترق ،

أنا التي ضاع نصف عُمري في الصعود أشعر بأني أسقطُ كل يومٍ بدرجاتٍ متفاوتة ، وتعرفُ أنت كم يكلفنّي هذا السقوط ..

من المفترض أن تفهم كل هذا دون حاجتي للشرح والتبرير ، كان عليك أن تفهم أني "أتغير " بفعلِ الظروف ..

"أتغير " كردة فعل طبيعية لشخص ظلّ لأيامٍ يخاف أن ينام وتفوتهُ فرصة الأنتقام .

"أتغير " لأني مازلت عالقة في المعركة ذاتها بدون انتصار أو هزيمة .

"أتغير " لأن الوقت يمضي ، والحياة تركض ، وأنا عالقة في اليوم ذاته ، في الساعة ذاتها ، داخل دوّامة من الأسئلة والتفكير ..

"أتغير " لأن القلق يعيش داخل قلبي ويزعجني دائماً صرير صوته في خواء روحي ..

"أتغير " لأني في يومٍ ما ، حاولت أن اهدهد قلبي ولكني فشلت ، كنت اسمع ضرباته كما لو أنهُ يعترض ، يحتجّ ، ويقاوم بكل قوته ..

"أتغير" لأني استلقيت يوماً على سريري عشر دقائق وعندما أفقت ، لم تكن حياتي كما كانت ،

حاولت . حاولت . حاولت أن أبحث عن أيامي القديمة ولكنها هربت مني ، تسللّت من بين اصابعي ، توارت خلف مستقبلٍ مُبهم لا استطيعُ مجابهته ..

"أتغير" لأن روحي ماعادت هُنا ، لم أعد أملك من هذهِ الروح إلا جزء ضئيل ، أما الباقي فقد تكفّلت المسافات والظروف باختيار مكان آخر لتعيش فيه روحي ، وآهٍ كم يجرحني ذلك ..

"أتغير" لأني مُثقله ، مُثقلة ياحبيبي بجرحٍ في صدري ، بحزنٍ ينام تحت عيني ، بصورةٍ لاتغيب ولا لحظة عن ذاكرتي ، بصوتٍ مايزال يتردد بوحشة ليوقِظ حزني احياناً ...

"أتغير " لأن لاشيء ، لاشيء يستطيع أن يُخفف من حدةِ لون الحزن الأزرق ، إلا انتصاراً يُبهج الروح ويُبلِلّها بعد فصولٍ من الجفاف ، من الترقب والأنتظار ..

تمنيت أن أشرح هذهِ البديهيات لغريبٍ يقابلني في أي مكان ، لطفل لايفهم ولا يعقل ، لشخص لا يأبه لتغيري ، ولكن يحزنني ويؤسفني أنها لك ، أنت ، الشخص الذي يعرف كل هذا ويتظاهرُ بعدم المعرفة ..

الشخص الذي ظلّ لشهور يسمع نحيب بكائي إلى أن أعتادَ على ذلك ...

الشخص الذي كان من المفترض أن يشدّ على يدي بدلاً من أن يُفلتها ويكتب رسالة وداعه ويذهب ، متكئاً على سببٍ ركيك وهو أنّي تغيرت .

نعم ، تغيرت ، وأكثر مايغضبني أن حُبك ثابت بالرغم من كُل هذا ، ثابتٌ كدستورِ دولة ..

أحبك وهذا الحُب لايُجدي نفعاً

بالرغم من صلابته ،

هذا الحُب يؤذيني ويثقلني ، وأُريد الخلاص منه .

أحبك بيني وبين حزني ، بيني وبين أحلامي ، بيني وبين المسافات ، وبيني وبينك ، ولكن الكلام ثقييييل ، ثقيل ياحبيبي "