عندما تُفَرغ الصلاة من معناها الحقيقي !

سهير الخالدي

قال عز وجل: " اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ "العنكبوت:45

وغيرها من الآيات والأحاديث التي تعرضت لبيان الغاية و الحكمة من العبادة، فالقصد منها أن الإنسان لو عبد اللّه حقاً لسارَ على دين اللّه، وانتهج صراطه المستقيم، فانتهى عن المنكر والفحش، وعمل الخير والمعروف و إِلا فقد حكم على نفسه بنفسه بأنه دجال منافق خير منه من أعلن الكفر والجحود وكان من الذين حذرهم الله في قوله تعالى: " فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ "

وثبت عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله أنه قال " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من اللّه إِلا بعدا ".

وقال الإمام الصادق عليه السلام: " من أحب أن يعلم أقبلت صلاته أم لم تقبل فلينظر هل منعته عن الفحشاء والمنكر، فبقدر ما منعته قبلت منه ".

فالواجب على المسلم أن يعالج وضعه وأن يجتهد في التوبة إلى الله من معاصيه، فإذا كان يصلي ومع هذا مقيم على المعاصي؛ فهذا معناه أنه لم يؤدِ الصلاة كما ينبغي، ، ولو أقامها كما ينبغي؛ لنهته عن الفحشاء والمنكر، فالواجب عليه أن يحاسب نفسه، و يتقي الله،و يصلي كما أمر الله، وأن يحذر الفحشاء والمنكر، ويتوب إلى الله ,كما وبين العلماء العاملين كيف تكن وما هي العواقب إذا فُرِغت هذهِ العبادة من محتواها الإيماني, ومنهم المرجع الديني السيد الصرخي الحسني في أحد مؤلفاتهِ من الرسالة العملية - المنهاج الواضح - كتاب الصلاة القسم الأول

قائلاً:

"عرفنا أن الشارع المقدس فرض علينا الصلاة وبين أنه يريد بها الصلاة الناهية عن الفحشاء والمنكر، والتي إن قبلت قبل ما سواها من أعمال ، وأنها معراج المؤمن، وتاركها فاسق ومنافق وكافر وليس بمسلم ، ومع هذا نجد الكثير من المصلين يجني على الصلاة ويضيعها ويفرغها من معناها الحقيقي الشمولي من التربية الإسلامية الرسالية ، وينحرف بها نحو المعاني الذاتية الشخصية المادية، فلا نرى ذلك المصلي آمرًا بالمعروف ولا ناهيًا عن المنكر ولا مهتمًا بأمور المسلمين بل يتعاون مع أهل الشرك والنفاق للإضرار بالإسلام والمسلمين من أجل أمر دنيوي تافه وزائل، ولا نراه متحليًا بأخلاق أهل البيت (عليهم السلام) بل يتحلى بأخلاق أعدائهم، والمؤسف جدًا إن كل واحد منهم يعتقد أنه قد طبق التعاليم الإسلامية الشرعية كالصلاة وغيرها بصورة صحيحة وتامة ومقبولة لكن الواقع خلاف هذا ."

وبذلك تكون الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر هي الصلاة الكاملة التامة المستوفية لشرائطها، وأركانها، وواجباتها، وخشوعها، وحضور القلب فيها؛ فليجتهد العبد في تكميل صلاته، والإتيان بها على وجهها تكن ناهية له عن المعاصي بإذن الله،كما ويستحضر قرب الأجل وأنه مغيب عنه، وأنه مسؤول عن كل ما اقترفه، ويستشعر مراقبة الله له، واطلاعه عليه، ويجتهد في الدعاء؛ فإن ذلك كله يعينه بإذن الله على الإقلاع عن جميع المعاصي والآثام.