الانقياد ينظر له المنظرون الاستراتيجيون أنه لوحة شطرنج تتراءى من خلالها لحظة سقوط الملك في حوزة من استحكم على أجواء اللعبة التي يجب على اللاعب أن يمتلك نفسًا عاليًا لكي يستطيع  أن يفهم كيفية اللعب في بؤرٍ أو خليط بشري يتجاذبه الأهواء الذاتية المنقادة في الأساس خلف ما تم تلقينه في بيئته النشوئية، فأي خليط بشري يصعب على الاستراتيجي أن يحقق فرضية «الانقياد» لمبتغاه السلطوي أو العقدي نظرًا لغياب البوصلة التي تطرح على الخارطة الذهنية للعقل الاستراتيجي عدة خطوات استراتيجية تحقق من ورائها انقيادًا سلسًا. وتكمن بوصلة الانقياد في أي مكون بشري بعدةِ خطواتٍ وهي:

1ـ معرفة المؤثرات العاطفية

لكل إنسان كامل الأركان الحسية له صوتٌ داخلي يُحرك مكامن مشاعره المجيشة داخل مكنونه العاطفي ليحدث نوعًا من السلوكيات غير الواعية لمحيطه الواقعي، فيحدث تفاعلات غير منضبطة تصعب على الاستراتيجي مهمة تقييده له فالصوت الداخلي حين يُستثار له أسباب منها العقدية أو العرقية حين تتعرض لمن يُضادها فيجب على الاستراتيجي أن يُحسن استغلال هذه المؤثرات الداخلية من دون «أن يشعر المُنقاد أنك تُضادها».

2ـ الإيحاء بسلوكٍ ممُاثل

الفطرة المجبول عليها كل مخلوق بشري هو أن يلفت انتباهه كل من يقاربه في نظرة شمولية نحو الأشياء أو طريقة الحكم على تصرفات الغير فيشعر في أروقة نفسه أن هنالك تجاذبًا معرفيًا أو سلوكيًا فيندفع وقتئذ إلى استقبال ما يصدر منك بغشاوةٍ مجللة في عنفوانها.

3ـ تكييف الأفكار الخاصة

البوتقة الفكرية لها وقعٌ على الإنسان العاقل وتحمل في طياتها بصمات ذات أوجه فتدفعه ما بين اليمين المحافظ أو اليسار المتحرر في محيطه الخاص، فلذلك لزامًا أن نكيف البوتقة الفكرية بموادٍ متشبعة من مساراتٍ ثقافية (ذات نهجٍ مقارب) سار على دربها شخصيات تاريخية «تطرح على المنقاد بشكل عفوي تام».

* اقتباسات من كتاب (48 قانونًا للقوة)

«حين تجعل الآخرين يفعلون ما تريد تكون لك السيطرة عليهم، والأفضل أن تغري خصومك ليأتوا إليك متخلين عن خططهم الخاصة. استدرجهم إليك بالمكاسب لتكون أوراق اللعبة في يدك ثم هاجمهم وافرض عليهم شروطك».

«السلعة التي تروج بين الناس يقل سعرها، وكلما زاد حضورك وكلامك تتبدل مكانتك وتقل هيبتك. بمجرد أن يتكون لدى الجماعة رأي حسن عنك يكون عليك الانسحاب حتى يزيد حديثهم عنك وإعجابهم بك. عليك أن تتعلم متى تغيب حتى ترتفع قيمتك بندرة حضورك».

«الناس تحكمهم العادة ويحبون أن يألفوا أفعال من حولهم لأن ذلك يعطيهم الإحساس بالسيطرة والتحكم. بلبلهم وشوش عنهم نواياك بتصرفات مباغتة وغير مفهومة لأن ذلك سوف يجهدهم في تفسير تحركاتك ويبث فيهم الخوف والرهبة».

«أفضل الطرق لاستدراج الناس والتحكم بإرادتهم هي التي تمنحهم ظاهريًا حرية الاختيار بينما تجعلهم في الحقيقة لعبة في يدك، وذلك بأن تحدد خياراتهم في البدائل التي تصب جميعًا في صالحك أو أن تضعهم بين قرني معضلة بحيث يختارون بين شرين أحلاهما مُر. وسوف تعجب من أن إحساسهم بأن لهم حرية الاختيار يجعلهم يتقبلون أمورًا كانوا سيرفضونها بشدة لو فرضتها عليهم».

«المكانة التي تضعها لنفسك هي غالبًا التي يضعها لك الناس. فالتعامل بسوقية وتدنٍّ يجلب عليك في النهاية ازدراء من حولك. تصرف كالملوك الذين يلزمون أنفسهم بالعزة والوقار فيجبرون الناس على النظر إليهم برهبة وإكبار. ارتقِ في تصرفاتك ليراك الناس كأنك وُلدت لتكون ملكًا».

*خلاصة التنظير

الاستراتيجي الناجح هو من لديه المقدرة على تمييز الأشياء سهلة المنال في جو عاتم فالاستراتيجية عالمٌ به تدافع وتجاذب كقطبي مغناطيس.

انتهى