المتتبع للأحداث التاريخية وسحبها الجيوسياسية على العالمين القديم والحديث للمجتمعات الأنسية، سيلحظ كمية التراكمات الذهنية لمدبري نظم السيطرة على الخارطة العالمية للمجتمعات ذات الطابع النقيض، من حيث اللغة والموقع الجغرافي أو حتى النظرة الشمولية نحو الحياة بمزلقات واقعها المعيش الذي ينصهر منه شخص الفرد وديمومة أفكاره، فتنوعت الأساليب الرامية إلى امتلاك خاصية الفرد بعينه أو توثيق عُرى منشأه الأصلي نحو ما يوافق هواه المُسيطر، العقدية كانت أم المصلحية البحتة، فلم تترامى أهداف المُسيطر على نحو وفاقٍ مع حزمة الأجندة المُعلبة سلفـًا! ويعزو هذا الأمر للآن المُسيطر لم يستعمل خاصية مهمة في التركيبة النفسية للفرد البشري وهي «الإيقاع الشخصي»، خاصية لها وقعٌ سريع على سلم درجات الألحان الشجية المُحركة للعواطف التي تساعد باندفاع هذا الفرد نحو التلقي التام من المسيطر «صاحب الإيقاع الشخصي».

ونستعرض هنا ثلاث إستراتيجيات محققة لفرضية الإيقاع الشخصي من وجهة نظرنا للساعين نحو سيطرة روحية أو  ذهنية على مجتمع أو فردٍ بذاته:

1ـ التقرب الضمني

وهي المعرفة الشمولية لدقائق الأمور للتجاذبات التي يتعرض لها المجتمع أو الفرد للآن هذا يعزز في نفس المُسيطر عليه بأن المُسيطر قريبٌ لتركيبه الداخلي وملمٌ للضرورات ومتفهمٌ للسلبيات التي توجد وتعتري مسلك المُسيطر عليه أي «المجتمع أو الفرد بذاته»؛ فيثمر عن ذلك التسليم والدخول للوعاء الذهني للمُسيطر.

2ـ تغذية الوجدان

إشباع الذات المهترئة الممزقة من سهام الواقع العبيس الذي يستظل به مجتمع أو فردٍ بعينه بألفاظٍ منتقاة تداعب دواخل هذا المجتمع أو ذاك الفرد الذي يشعر بأن لا قيمة محسوسة له، ألفاظٌ تشعره بأن له معنىً ووجوديًا وأن لديه القدرة على إنجاز شيء يَنوط به، لكن يجب التقليل من تغذية الوجدان لكي لا تتحول العملية إلى زرع ثقة عكسية تدفع هذا المجتمع أو الفرد إلى «الاستقلالية الذاتية» التي تنتج حالة من التمرد العلني غير معروف نهايته أو توجهاته المستقبلية.

3ـ مُسايرة التيار

لكل مجتمعٍ أو فرد خطوط فكرية يسير عليها ويبني مُسْلماته ومحرماته بناءً على ما يتراكم عليه جراء اتباعه لهذه الخطوط؛ فلذلك يجب على المُسيطر أن يستلهم من هذه الخطوط المتبوعة من المجتمع أو الفرد نقاط ارتكازٍ يُجاري بها ويمحورها نحو أهدافه المنتخبة سلفـًا من قبله لكي يحرفَ الخطوط الفكرية التي تقود المجتمع أو الفرد نحو بوتقته الخاصة شريطة «ألا يشعر الفرد أو المجتمع» أن خطوطه الفكرية قد سُيرتْ «لطرفٍ غير معروف التوجه»؛ فيعطيه دافعية سريعة للتحرك نحو مقاومة المُسيطر لتثبيطه وتعقيد سيطرته.

*أقوال قادة إستراتيجيين

– أتقدم ببطء، لكني لا أرجع للخلف إطلاقـًا. إبراهام لينكولن

– تكمن قوة عظيمة في الأمر بلطف. جورج هيربرت

– إذا أمرت بحكمة أطاعوك بسرور. توماس فولر

– عامل كل شخص بالأسلوب الذي يناسبه. جون أدير

– تذكر وأنت تتعامل مع الناس أنهم لا يحتكمون للمنطق إنما للمشاعر. ديل كارنجي

– عملك يعطيك السلطة، أما احترام الناس فتناله بسلوكك وتصرفاتك. إيرون فيدرمن

– أول طريقة لتقييم ذكاء الحاكم هي أن تنظر إلى الرجال المحيطين به. نيكولا مكيافلي

– بالسلاح يمكنك الجلوس على كرسي الحكم، لكن لا يمكنك البقاء طويلًا. بوريس يلتسن

– عندما يتحدث عملك بالنيابة عنك فلا تقاطعه. هنري كيسنجر

– يعرف الناس كيف أحارب، لكنهم لا يعرفون كيف خططت للانتصار. صن تسو

*الخاتمة

عملية الإيقاع الشخصي تنجم عن تأثيرٍ محسوسٍ، طالما بحث عن هذا التأثير القادة الإستراتيجيون فبه يستقون الإلهام من بانوراما الإبداع الحقيقي الملموس المنشود من قبلهم.

انتهى