مع كل قضية تحرش جديدة يعود الحديث مرة أخرى عن قانون التحرش و يظهر الانقسام الواضح بين الفريقين المؤيد و الرافض ، ففريق يطالب بسن قوانين تجرم التحرش و تعاقب مرتكبيه و فريق آخر يرفض مثل هذه القوانين بحجة أنها تسمح للمرأة بالتبرج و إثارة الشباب تحت حماية القانون و يؤكدون على أن من يتعرضن للتحرش هن المتبرجات اللائي يتعمدن إثارة غرائز الشباب و إيقاعهم في شركهن و أن المرأة المحتشمة لن تتعرض للتحرش نهائيا .

Image title


في الحجة الآنفة الذكر التي يسوقها المعارضين لقانون التحرش و التي تقول بأن المرأة هي التي بإمكانها ان تكون ضحية تحرش ام لا و ذلك من خلال نوع عباءتها و طريقة مشيتها و نوع غطاء الرأس الذي ترتديه ، و بغض النظر عن كون هذا المعيار يفترض بأن المتحرشين يمتلكون تعريف موّحد للعفّة و يطبقونه بنفس الدقة على جميع النساء قبل ان يتخذون قرار التحرش ، و بغض النظر عن كون هذا المعيار يفترض شكل موحد للحجاب و يفرضه على جميع النساء باختلاف المذاهب و المناطق بل و حتى الدول التي ينتمون لها ، بغض النظر عن كل عيوب هذا الرأي و تعميماته و احتكاره للفضيلة و الحشمة في شكل معيّن من الحجاب و اعتبار ما سواه تبرج و سفور و انحلال ، بغض النظر عن كل ذلك و بقبول هذا الرأي بكل تناقضاته يمكننا ملاحظة سمة رئيسية في هذا الرأي و كل الآراء التي يتبناها الإسلاميين و يدافعون عنها ألا و هي الدفاع عن امتيازات و المحافظة على نفوذ ، هذا بالضبط ما يفعله الاسلاميين منذ ثلاثين عام حماية المجتمع من الجميع ، من الليبراليين و العلمانيين و التغريبيين و الدولة .

Image title


فقانون لتجريم التحرش يعني سقوط ((قانون الحشمة)) الذي يتبناه الإسلاميون و يرسخونه في عقول الناس منذ عقود ، قانون الحشمة الذي يجب على المرأة أن تلتزم فيه عند خروجها من منزلها و إلّا  فإنها ستكون عرضة للعقوبة المعتادة (( التحرش )) و لا يحق لها حينها ان تتظلم أو تعترض على العقوبة (( شين و قوي عين )) ، قانون الحشمة الذي يحمي الشاب المسكين من الوحش ابوكحلة ، قانون الحشمة الذي يحمي السارق من المال و يحمي شارب الخمر من العنب ، قانون الحشمة الذي يشهد على القسمة القديمة بين السلطتين و يؤكد على أن المجتمع سيبقى تحت سيطرة المتشددين حتّى إشعار آخر ..!!