"

لا يهمني ماقلته كثيراً ..

كل خطابات الوداع وأساليب تبرير الوعود الكاذبة ، كل هذهِ السيناريو المعتادة ، لاتهمني الآن !

المهم هو أن نتعانق ، عناقاً يليق بالوداع الأخير .

عناقاً تشرق من خلاله الشمس على جليدِ صدري ،

عناقاً يذوّب هذا الحُزن دُفعةً واحده ، لأجمعهُ بيدي وأضعهُ في جيب معطفك لعلك تتذكر حزني عليك في يومٍ ما ..

وسأخبرك ايضاً بأنك ستتذكرني ، شئت أم ابيت ..

لأني طوال حياتي كنت امرأةً تتذكرها التفاصيل ، يتذكرها مقبض الباب ، نادل المطعم ، ساعي البريد ، صبيان الحي ، بائع الورود ونافذة الغرفة ..

امرأة لاتُنسى بسهولة ..

ستظلّ كلماتي الأثيرة تتردد في دماغك ، سيظلّ وجهي يباغتك كلما أردت النوم بعد يومٍ شاق ..

ستظلّ رسائلي بمثابة ذكريات رمادية كلما حاولت أن تتجاهلها وجدتها بين صفحات كتبك ..

لن تنساني لأن الأيام التي بيننا أطول من أن يطويها نسيان ، أعمق من أن تبتلعها الذاكرة ،

وأكثر من أن تمضي وتتركها خلفك ..

حتى وإن اصبحت حياتك ملهى نسائي سأظل أنا الأولى ، الأولى التي تحاول جاهداً أن تبحث عن صفات مشتركة بينها وبين كل النساء الذين تقابلهم ...

لن تنساني حتى وإن ادعّيت النسيان ، سأبقى حنينُك الذي لا يهدأ وليلُك الذي لاينطوي ، وقصيدتك التي لم تكتمل ، وطريقك الذي يُسيّرك إلي دون اذنٍ منك ..

لن تنساني حتى وإن حاولت ذلك ،

سأكون عبئاً على ذاكرتك ،

سأكون ظلك الذي تحاول الهرب منه ..

ستكتشف في النهاية أنك كنت تكتبني دائماً وتبحث عنّي كثيراً وتحاول الوصول إلي بطريقةٍ أو بأخرى ..

لهذا لن ابكي كثيراً في وداعنا الأخير ، مهما كان هذا الوداع موجعاً بالنسبة لي ، لأني بكل ثقة اعلم بأنك لن تتخطاني ، حتى وإن استدرت الآن ومشيت بخطواتك المثقلة بالذكريات ستحملني معك ..

تعال نتعانق الآن ، ثم خذ ماتبقى منّي وارحل .

ارحل ولن اتركك وحيداً لخاطر الأيام والحُب .

-وداع مصوّر :

كوبين قهوة سَئمت من الأنتظار .

شخصين يتبادلان العناق ، يترك احدهما الآخر ويمضي تاركاً خلفهُ سؤال وحيد ..

صوت خطوات رجلُ يجرّ هزيمتهُ ويمشي إلى مصيرٍ عبثي ، صوت أوراق الأشجار تنتحب تحت خطواته البطيئة ، تموت الأوراق تبتلعها الريح ...

*أثير آل واكد