بعد سنوات من إنتاجات موسيقى الراب في الساحة الفنية المغربية . إعتاد الجمهور المغربي جرأة فناني الراب وطريقة لباسهم و كلامهم المشحون بالكثير من الرسائل المبطنة التي تبحث عن من يفك رموزها, إعتاد المتلقي إذن على الراب بصيغة ذكورية صرفة في ظل غياب إنتاجات موسيقية من هذا النوع تتزعمها فتيات.

هذه المرةيتفاعل الجمهور المغربي مع  أغنية جديدة تحت عنوان "تاج" عادت بها  منال بن شليخة للساحة الفنية وهذه المرة بإنتاج موسيقي يختلف عن ما عودت به جمهورها, ب" تاج " استهلت منال نوعا جديدا من الإنتاجات الموسيقية.

بطريقة تصوير مبتكرة تلاعب بالمؤثرات الصوتية و البصرية بحبكة و مهنية فريدة تمكنت منال من منح جمهورها ليس فقط أغنية فريدة بل كذلك شريط فيديو مصاحب بجودة عالية , حيث على طول 5 قائق و 15 ثانية كاملة  تظهر في الفيديو  فتيات بأزياء مختلفة قاسمها المشترك الجرأة في الألوان و  التفاصيل الدقيقة التي تخدم شخصية الفتيات القويات المستقلات و اللائي  يواجهن التحرش في موقف نمطي تكرر أمامنا كثيرا .

لكن ردة فعلهن تكون مغايرة متشبعة بالثورة و الانتقام , ثورة ضد كل ممارسات و حيل التحرش. أزياء  زادها تميزا  الأكسسوارات المرفقة  والتي كانت في مجملها أدوات للدفاع عن النفس تظهر أن الأنثى هي اليوم قادرة على الدفع عن نفسها بمفردها ضد كل المتحرشين.

تدور قصة الفيديو كليب المرافق للأغنية حول فتيات في سيارة ليلا تجمعهم الصدفة بشابين في محطة للبنزين , يتطاول أحدهم على فتاة فتقرر بدورها تلقينه درسا لن ينساه , في إشارة إلى ضرورة الوقوف ضد هذه الممارسات وعدم الانصياع لها , تستعين الفتاة بمساعدة صديقاتها يحضرن مسدسات  فينهال الشابان خوفا في موقف ساخر يبرز تفاهة المتحرشين من الشباب و قلة حيلتهم , سرعان ما يكتشف الشابان أنهما مسدسات مزيفات فتنهال الفتيات سخرية عليهم.

خلافا لما قد يعتاده مستمعو الراب من توظيف مكثف للكمات النابية و الرسائل المبطنة التي يتعمدون إيصالها لبعضهم البعض كلما سمحة الفرصة فالواضح أن منال اقتصدت في العمل بهذه القاعدة فلم تكثر من استخدام هذه العبارات في تمريرها لرسائلها ضد التحرش الجنسي .

 فمن المتتبعين من وجد في الأغنية نوعية جديدة من الموسيقى المبتكرة و التي ازدادت جمالية بإلقاء أنثوي يفصح عن قدرات المرأة الإبداعية في مختلف الأشكال الموسيقية و منهم من اعتبر  ولوج منال هذا الصنف من الأغاني مغامرة كبيرة و هي التي عودت جمهورها اللحن الهادئ و طريقة الغناء المفعمة بأحاسيس الحب و العاطفة . كما اعتبر آخرون هذا النوع من الموسيقى غير مناسب للإناث سيم و أن الراب معروف بشساعة مساحة التعبير و إمكانية توظيف الكلمات حتى النابية منها لإيصال الرسائل.

منال المزدادة سنة 1993 بالدار البيضاء و التي استهلت مسارها الغنائي في سن السادسة عشر ، وحصلت على لقب "أفضل مغنية في شمال أفريقيا" تعود للواجهة اليوم بموسيقى راب مبتكرة و رسائل عميقة ضد التحرش الجنسي و تدعوا عبرها كل الفتيات إلى التحلي بالقوة و الشجاعة اللازمة في مختلف فرص الحياة .

مما يفرض طرح السؤال هل يفرض هذا النوع من الأغاني استخدام لغة مشحونة بالكلام النابي؟ , أم أن الرسائل المراد إيصالها يمكن التعبير عنها دون جرأة مفرطة ؟ في حال وجود هذه الجرأة هل فعلا تخدم المضمون أن أنها رغبة في التفرد و التمييز عبر هذه الطريقة.

هذا النوع من الإنتاجات الموسيقية كان  إلى وقت ليس بعيد حكرا على الشباب الذي يجيدون التلاعب بالكلمات و تطويعها لإيصال رسائل مبطنة , لتكون هذه الأغنية من الإنتاجات الأنثوية الجديدة التي تفاعل معها الجمهور بطريقة إيجابية تارة و سلبية تارة أخرى.