رحيم الخالدي
تتعرض المرجعية لهجمة غير مسبوقة، ولم يتجرأ أحد قبل هذا الوقت إتهامها كما يجري اليوم، ونظام البعث بقوته وجبروته وفي أوج قوته، لم يجرؤ على هذا السياق، المتبع من قبل شخوص تم تعريفهم، وكشفهم وكشف فسادهم من على منبر الجمعة، في العتبتين المقدستين في كربلاء المقدسة، حيث عمل هؤلاء الفاسدين بتجنيد ما يقارب أكثر من الخمسة آلاف شخص كما قيل، وفق برامج مُعَدّة سلفاً، لتسقيط المرجعية ووكلائها ومندوبيها وكل مالهُ صلةٌ بها! وتلفيق أخبار كاذبة يرادفها تسويف الحقائق وعرضها على العوام، حيث صارت المرجعية بوكلائها على لسان هؤلاء الجهلة من القوم، وهي التي لا يُشَك بأدائها ولو قيد أنملة، فهي مؤتمنة واعظة ناصحة المسلمين ليومنا هذا .
المرجعية وعلى طول السنوات الماضية من عمرها، إبتداءاً من الشيخ الطوسي، ولحد يومنا هذا، لم تكن جزء من الحكومة خاصة في العراق، والمترقب للتاريخ لما مر على العراق، أن الحكومة التي تمسك بزمام الأمور، لم تكن من الطائفة الشيعية! وهذا حصل اليوم بفضل الديمقراطية ونظامها بحكم الأغلبية، وقد حاول حكم البعث في وقته بجعلها خاضعة له، لكنه فشل حتى بالتقرب منها، وعنادها أمر جوهري وهذا من المسلمات، ووجودها ليس لمناصرة أو الركون لأحد دون الآخر، وكل الذي تعملهُ هو الإرشاد وتصحيح لكثير من الأمور التي يعتقد المسلم أنه على صواب، ولا ننسى كيف جاهدت حكومة البعث إختراقها وحرف مسارها! بواسطة تجنيد شخوص وزجهم داخلها، لكن الفشل كان مرافق لهم، من خلال الأداء المنحرف الذي كشفهم .
أهم مراقد مقدسة محصورة بين النجف الكاظمية وكربلاء المقدسة وسامراء، ناهيك عن باقي المراقد التي تتوزع على كل المحافظات، وهنالك أيضاً مراقد أخرى، وتتصدر المراقد الموجودة في النجف وكربلاء، وروادها وزائريها يتصدر الأرقام، خاصة في زيارة الأربعين والشعبانية والغدير والثالث والعشرين من رمضان، وكل واردات هذه الأماكن المقدسة في النظام السابق كانت بيد السنة، ولا يتم تطوير هذه الأماكن، وكأنها عبارة عن بئر نفط عائد لشخص واحد! وهو المتصرف والآمر الناهي، وليس من حق أحد الاعتراض أو النقد، وهي التي كانت قبل سنة ألف وتسعمائة وتسع وسبعين عائدة للحوزة، ويتم صرف العائدات للفقراء والمحتاجين، وغيرها من أمور المدارس الدينية ومتعلقاتها .
بعد عام الفين وثلاثة عادت لسابق عهدها، لكن هذه المرة غير السياق المتبع سابقاً، فبقت الأموال من حق المتوكل للصرف على الموظفين والخدم وباقي الأمور الأخرى التي تتعلق تعلقاً مباشراً بالعتبة، وتطورت للوصول أن تكون شبه مستقلة، لتتطور أكثر وتعمل مشاريع، الدولة بعظمتها وأموالها لم تصل لبناء بسيط يشبه أحد مشاريعها المتطورة، وفق البناء الحديث والمتطور، وحصراً للشركة التابعة للعتبة، لتنتقل لمرحلة أعلى وهو التنافس مع الشركات المنفذة للمشاريع الكبيرة، وهذا بالطبع نابع من الثقة التي إكتسبتها من المشاريع التي نفذتها، خلال السنوات المنصرمة حديثة العهد، يضاف له التوسيع الحاصل لكل من الحضرتين المقدستين، التي تضاهي أفضل التقنيات العالمية .
الأخبار يتم العناية بإختيارها كثيراً، مثال على ذلك المستشفيات العائدة للعتبتين، فيقومون بتنزيل منشورات عن الأسعار التي تستوفى من المرضى الراغبين العلاج فيها، وهؤلاء لا يعرفون يقيناً أن هذه الأجور، بالحقيقة نصف الأسعار التي يتم إستيفائها في الهند وباقي الدول! سيما الإقليم، ونسي دور وزارة الصحة، والتي بالأساس هي المعني بالدرجة الأولى، كونها تأخذ أموالها من الميزانية العامة، وتغافلوا أيضاً الإهمال الذي طالها والسرقات المستمرة، كذلك الأسعار التي تستوفيها المستشفيات الحكومية، مع الفشل المرافق لتلك المستشفيات، إلا ما ندر من العمليات البسيطة أو هنالك بقايا أطباء شرفاء، متمسكون بإنسانيتهم ناجحين ومهنيين لدرجة كبيرة .
المرجع الديني الذي لا يعرفونه أولئك الجهلة، أن الثوب الشرعي الذي يرتديه عمره ثلاثون عاماً! بينما البابا يتم تخصيص طائرة خاصة تجوب به دول العالم، في إستكمال خياطته وتطريزه ليكون بأحلى حُلّةْ وهنالك فوارق كبيرة لا مجال لذكرها بكيفية معيشة المراجع الكبار في النجف الأشرف وهنا نقف بين من هو معمم ويعمل بالسياسة من غيره الذي ينصح ويجاهد بإيصال أخلاق آل البيت "صلوات ربي وسلامه عليهم" فهل المرجعية أصبحت اليوم حكومة توازي حكومة جمهورية العراق لننقدها على أعمالها! وهل هي ند؟ أم هنالك أمور لا نعرفها، وبودنا أن يطل علينا مسؤول بالحكومة ليبين لنا ما علاقة ذلك! .
جمع من الناس ينعت المرجعية بالصامتة! وعندما نطقت حررت العراق، بالوقت الذي إنخرست الألسن، وبتنا بين قوسين من سقوط العراق بيد الارهاب الداعشي التكفيري، وليت الذي يتهم المرجعية أن يبين لنا الإنجاز الحكومي، على طول السنوات الماضية، لنكون بالصورة مع مقارنة بالمشاريع المنجزة للعتبتين، مع العلم أن العتبتين ولحد عام الفين وسبعة عشر، صرفت على كل المشاريع المنجزة مبلغ مليار دولار فقط، ولنقارن مع ما صرف من الحكومة، على كل المشاريع الوهمية والترقيعية والحدائق وصبغ الأرصفة والجبايات والمشاريع المتروكة، والمقاولين الذين هربوا بعد إستلامهم كل المبالغ المرصودة لعملهم .