حينما زرت الشيخ الأستاذ جودت سعيد [٢٩ ديسمبر ٢٠١٥] كان واضحا عليه التعب والنصب، وليس ذلك لمرضٍ ألم به ولا لمصيبةٍ نزلت عليه ولكن لأنه يحمل هم هذه الأمة في كل ذرة من جسمه وكل طيفٍ في فكره.

تحدثت معه طويلا ولا أريد أن أكتب كل شيء ولكنني سأختصر ذكر الفوائد والنُكت التي أخذتها منه وانشرها لتعم بها الفائدة وتُوطئ للناس فهم هذا المفكر الذي أضعناه.

وهذه الفوائد ما لن تجدها إلا بصعوبة من خلال لقاءاته، فلن أتكلم عن فائدة تجدها في كتبه وذلك لحرصي على أن تقرأها، وسأذكر النكتة مجردة عن الشرح فمن أراد الزيادة فصلتها له.

- (أركان الإسلام حفظت أركان الإيمان).

ومعنى ذلك أن الصلاة مثلا هي عماد الدين ولكنها أول واجباته وليس آخره، فهي انطلاقه.

- (انظر- تفكر- اعقل- تذكر- تحصل لك التقوى. هكذا الترتيب في سورتي الأَنْعَام والنحل).

- (لست غاندي، وكل اسماء كتبي من القرآن).

- (اقرأ لبيير بورديو عالم اجتماع).

- سألته عمن يؤمن بتاريخية النص القرآني كبعض المفكرين فنسفهم بهذه الكلمات:

(دعك من هذا فالقرآن كتاب مستقبل "يزيد في الخلق ما يشاء" "وإني اعلم ما لا تعلمون" "ويخلق ما لا تعلمون" فالقرآن فتح الباب للمستقبل).

- (القرآن نسخ نفسه).

فتعجبت ممن يدعي أنه من تلامذة الشيخ وينكر النسخ في القرآن!؟

- (قال إقبال: ويحب الحق هاتيك الجهود،، وجهدك الخائب خير من قعود.فإذا لم تُعلِّم فلا تتعلم)

- (اقرأ لجلال الدين الرومي، وكما قال إقبال: صيّر الروميُ من طيني جوهرا،، من غباري شاد كونَّا آخرا).

- (أنا لست نهاية التاريخ لازم تطلع لفوق وكتاباتي جزء).

- (ابحث عن "ادفع بالتي هي أحسن").

- سألته هل أنشد الإصلاح من خلال الفقه أم الأدب أم القانون؟؟ فقال: (التاريخ).

- (قد تكون عقوبة النفي من الأرض هي إعادة التأهيل الآن).

- (العنف من تقطيب الوجه وحتى القنبلة النووية).

- (قال لي والدي حين أخذني للأزهر: يا ابني لا تصير وهابي! ولكنني صرت سلفيا فأنا اقرأ كتب السنة دوما). تعجبت حين قال ذلك وكثير من تلامذته ينكر حجية السنة!

- (ادعو للمصرين والاتراك بأن يثبتهم الله).

- (گولن ليس كالنورسي فقد دخل بالسياسة بشكل غير جيد).

- (كتاب الأفريقية الآسيوية لمالك بن نبي درسته ٤٠ مرة).

- (اقرأ لجورج ويلز معالم تاريخ الانسانية وقصة الفلسفة).

- (مصطفى الأعسر كان رفيقي بالسجن وفي نفس الزنزانة كان معنا مروان حديد).

- (لو كتب الله عمرا للأعسر لخدم الإسلام أكثر مني).

- سألته عن حماس فقال: (حينما خرج الشيخ ياسين من السجن بسبب حادثة تسميم مشعل، رأيت الشيخ على التلفزيون وقد سأله المذيع عن المشاكل التي تجري بين حماس وفتح وهل سيستعملون القوة معهم فرد وقال: "لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك"، فكانت هذه أول مرة أسمع فيها شيخا يذكر هذه الآية ويستدل بها).

- (اقرأ لجلال الدين النوري)، وهذا عالم تركي لعله كان أول من تكلم في اتحاد المسلمين وأظنه مثل السنهوري باشا في فقه الخلافة.

- تعجبت من سعة اطلاع الشيخ فكثيرا ما سألته عن المؤلفات فيجيبني بأنه قرأها ولخصها، ومنها كتابات طنطاوي جوهري.

- حدثني الشيخ عن قصة خروجه من سورية، حيث أنه خرج دونما يتخير لبس حذائه فقد كانت الهاونات تتقاذف فوقهم، فقال لأخيه: اخرج معنا، فأبى أخوه، وفي اليوم التالي سمع الشيخ وهو في سفره خبر الرصاصة القاتلة التي أودت بروح أخيه وسلمتها إلى باريها.

- لا يقبل الشيخ تقبيل اليد البتة ولا الرأس، وثاني زيارة له غضب مني حين نهضت من مكاني لأسلم عليه. ولكن حين صافحته فإذ بالشحنات تتطاير!! فهل ذلك لأنني كنت ألبس شيئا من الصوف أم كرامةً له؟! لا أدري.

- (التعامل مع الناس بالإحسان والحكم بالعدل هكذا يقول القرآن).

- كان الشيخ يلقى الشيخين مصطفى صبري والكوثري كل عيد حينما كان بالأزهر.

- (كنت دوما أجلس واقرأ في دار الكتب المصرية وحين أخرج انظر إليها وأقول ما أكثر المعلومات التي عندك والتي يجب أن آخذها وأستفيد منها).

- (قال تعالى: "لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون"، وفي هذا دلالة أن وضوح الواضحات لا يكفي لتفعيلها، كالقرآن والسنة هل تم تفعيلها؟!، فالنظر لآيات الآفاق والأنفس تُفعّل تلك الواضحات وتفقه القلوب وتبصر العيون وتسمع الآذان).

- تطرقنا للنورسي وقلت له متعمدا ومستفزا أن خليفته الآن هو گولن فنظر إلي وقال: (لا هو يختلف عنه بدخوله الخاطئ بالسياسة).