رجل العقيدة:

هو ذلك الإنسان الذي تصبح الفكرة همه :تقيمه وتقعده ويحلم بها في منامه وينطلق في سبيلها في يقظته.

وليس لدينا –بكل أسف-من هذا النوع القوي والعبقري ولكن لدينا نفوساً متأملة متحمسة مستعدة بعض الاستعداد ،ولابد للنجاح من أن ينقلب هؤلاء إلى مثلٍ قوية تعي أمرها ،وتكمل نقصها ليتم تحفزها الذي ينطلق من عدم الرضا بالواقع والشعور بالأخطار التي تتعاقب ،وينتهي باستجابة لأمر الله ونداءات الكتاب الحكيم ومراقبة وعد الله ووعيده،والتأسي بسيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم .


وليس ما ذكر من نوع الفكرة التي يحلم بها الفرد في ساعات الراحة وتذهب فيها أحلامه كل مذهب تلك هي أحلام اليقظة التي يعتبرها علماء النفس متنفساً للرغبات الدفينة ونوعاً من التعويض عن تحقيق ما يرغب الفرد فيه ،فإذا سيطرت هذه الأحلام على الفرد وشغلت أكثر وقته كان ذلك انحرافاً عن الحال السوية،وتعوّد هذا الإنسان أن يلجأ إلى أحلامه كلما استعصت الأمور،ولعل أكثر مشروعات شبابنا من هذا النوع من الأحلام .


إن محمدًا عليه الصلاة والسلام لم يعمد إلى إصلاح اقتصادي أو أخلاقي أو صحي أو سياسي أو إداري أو علمي ،ولكنه عمد إلى إصلاح الإيمان ،ودعا بدعوة التوحيد فكان من بعد ذلك كل لإصلاح وكل قوة وكل خير.

ولا يصلح أمر آخر هذه الأمة إلا بما صلح عليها أولها.


فرجل العقيدة السبيل الوحيد لعلاج أنواع الانحرافات التي سبق ذكرها جميعاً،ذلك أن رجل العقيدة سهم يندفع في تحقيق أهدافه ،وهو إنسان ملأت نفسه عقيدته،فهو يعيش من أجلها ويرضى بكل أذى في سبيلها ويبذل جهده وكل غالٍٍ ورخيص .

ورجل العقيدة أعظم ذخر نقدمه للعقيدة وأكبر رصيد نعدّه في سبيل نصرتها.


رجل العقيدة إن لم تكن لديه الوسائل الكاملة سعى في إيجادها ولو كان أمرها مستحيلاً ،فالوسيلة الفعالة القوية هي تكوين أمثال هؤلاء الرجال ،والإصلاح الذي نرقبه لا يتم إلا في إيجاد أمثال هؤلاء.


ــــــ

*منقول من كتاب "المسؤولية"للدكتور محمد أمين المصري رحمه الله ص 38-39 طباعة مكتبة دار الكوثر السعودية ودار الصفوة بمصر.