العنصر الغيبي .. والاستسلام في العبادة
فلاح الخالدي
إن الله (جل وعلا ) عندما خلق الانسان وكرمه وانعم عليه وميزه عن سائر المخلوقات واعطاه العقل الذي يعد القائد الاول للأنسان والمفروض يستثمره في الانقياد الصحيح لا الانقياد الاعمى .
ولكن بطبيعة خلق الانسان جعله الله قاصراً في استخلاص احكامه الشرعية الا عند الجد والاجتهاد , او ان يحدد من يقوده ويأخذ منه تلك الاحكام , والماخذ والمأخوذ منه تلك الاحكام لم يدرك جميع ابداعات الرب الاعلى (جل وعلا ) حيث جعل خلقه عاجزين عن الوصول الى بعض غيبيات خلقه واعداداته لهذا الكون , فأعجز الانسان عن معرفة طرق السموات والارض وعن معرفة ساعة وفاته وخروجه من الدنيا واعجزه عن ادراك عظمة خلقه وتدبيره لهذا الكون , حيث جعل من الانسان قاصر صغير امام هذه العظمة ولم يطلع على غيبة الا المقربين من الرسل والانبياء لتكون لهم حجة وقوة بين قومهم , وهذا جميعه رحمة منه ورأفة ليرجع الانسان الى ربه ويقر له بالعبودية الصادقة الصالحة الحقة .
وفي نفحات وحكم روحية تطرق المرجع السيد الصرخي الى غيب الله وما هي الحكمة منه , في #البحث_الأخلاقي (العبادة في شهر رمضان والتكامل الاجتماعي) حيث قال فيه ..
((إنّ الإنسان مهما امتلك من العلم والفكر فإنّ عقله يبقى قاصرًا عن إدراك ملاكات ومصالح الأحكام، وهذا يعني وجود عنصر غيبيّ لا يستطيع الإنسان معرفته ولا تفسيره التفسير المادي المحسوس، وقلنا سابقًا: إنّ مثل هذا العنصر الغيبي في العبادة يعمّق ويؤكد الإيمان والارتباط بالله تعالى، وإنّ ذلك العنصر هو المقياس للانقياد والاستسلام في العبادة، وعليه فكلما كان العنصر الغيبي أعمق في الإيهام والإبهام وأبعد عن إدراك العقول كان انقياد العابد واستسلامه للمعبود في العبادة أكبر، وإذا كان الانقياد والاستسلام أکبر كانت آثارها في تعميق الربط بين العابد وربّه أقوى)) انتهى كلام المرجع .
واخيرا نقول مع شديد الاسف نجد من يدعو الى الالحاد وجحود الرب وعدم وجوده , وهو يرى عظمة هذا الخلق وتدبيره وعدم قدرة العقل لأيستيعابه وادراكه , ولم يوجد خلفه خالق قوي متين عظيم عجزت العقول عن ادراكه , فصارت الرحمة الالهية بلاء عليهم , لانهم اتبعوا عواطفهم والماديات التي تقود عقولهم وتركوا الاعجاز والحكمة منه الذي وضعه الله في قوانية خلقه ولم يطلع عليه احد الا انبيائه ورسله ليكونون حجة على قومهم .