بعض الأفلام لاتخرج أبداً من تأثيرها عليك وتظل تدور في فلكها وتبحث عن مايشبهها من الأفلام وهذا ماينطبق على فيلم كوبريك Barry Lyndon الذي دفعني لمشاهدة فيلم mysteries-of-lisbon او اسرار لشبونه المشابه له للمخرج التشيلي راؤول رويز واعتقد ان بعض الشخصيات والقصص مستوحاة من شخصيات وقصص فيلم كوبريك وهذا ماجذبني فعلاً للفيلم .

اما القصة فكانت جميلة ومختلفة وتجعل المرء في حيرة وضياع لأربع ساعات متواصلة محاولاً الكشف عن الأسرار وفك الغموض وهو الشعور الذي كان لدى بطل الفيلم الصغير جواو الذي يبدأ تساؤله بهذه الجملة " أحياناً يسألونني لو كنت أبن الأب " دينيش ، كلهم لديهم أربعة او خمسة أسماء اما أنا فأسمي جواو فقط ومن هنا يبدأ رحلة البحث عن ذاته وسط تنمر الطلاب لأن أبيه مجهول ، ولكنه محاط بمحبة القسيس دينيش ورعايته والذي احتضنه منذ الصغر ويعرف كل اسراره، ويحاول الصبي أكتشاف ومعرفة هذه الأسرار التي ستكشف له الواحد تلو الآخر وأول هذه الأسرار التي كشفت له هي هوية أمه الكونتيسة وعندما يلتقيها يبدأ الأب دينيش بسرد القصة الكاملة له بوجود أمه التي عانت كثيرًا لأنها حملت به نتيجة حب مستحيل بدأ بنظرات بريئة في كنيسة وانتهى برغبات وجموح تتحدى رفض أبيها الماركيز الذي قرر ان يجعل حياة أبنته جحيم بعد اكتشاف الطفل الذي بين احشائها

الفيلم يحوي بين طياته الكثير من القصص العميقة والمؤثرة التي تدور احداثها بين فرنسا وأسبانيا و التي تبدو منفصلة عن بعضها لكنك تكتشف في نهاية كل قصة ارتباط شخصياتها بشخصيات الفيلم الرئيسية وهذا مايجعل الغموض وشعور الحيرة يزيد عند المتابع

،وأغلب هذه القصص تصور شعور الفقد بوفاة العشيق والزوج ثم تسليط الضوء على حالة الضياع التي تستولي على الطرف الذي يتعذب بالفراق ويقرر الانتحار لكنه لايستطيع وبعد ذلك يدخل في حالة انفصال عن الحياة المادية ويبدأ بالأنغماس في الحياة الروحانية والرهبنة او التدين ليس حبًا في الدين بل هروباً من الماضي كله ومحاولة النسيان .

الشخصيات الرئيسية للفيلم لكثرة التحولات الكبيرة التي حدثت في حياتها وتغيير اسمائها احياناً، تجعلك تشعر انك تشاهدها في حيوات كثيرة وليست حياة واحدة ،خصوصاً شخصية آكل السكاكين والقسيس الذين كانا يلعبان الدور الأبرز في قصص الفيلم وفي حياة ومستقبل الطفل جواو .

استطيع القول انه فيلم مختلف يستحق المشاهدة لما فيه من معاني وتأملات إنسانية .