"إلى رفيقي الذي كان كذلك ،
إلى النوارس التي هاجرت جزيرة أحلامي وإلى الأحلام بذاتها ، الأحلام التي اختفت وتلاشت بين المد والجزر ..
كنت أمرّرُ خيباتك كي لا أضطر لشرح شعور آخر ..
كي لا أقوم بالكلام والتبرير ورمي الحُجج على طاولةِ نقاش أعلم يقيناً أنها ستنقلب بلا فائدة ..
أخترت الصمت ، الصمت الأكثر صخباً
بالنسبة لي..
أخترت أن أمضي واتخلى عن كل شي ولكن هيهات !
لا تستطيع المُضي هنا إلا بعد أن تدفع ضريبةً للأيام التي خِلتُها لن تنتهي أبداً ..
يتوجب عليك أن تفرّغ قلبك كما تُفرُغ حقيبتك بعد العودة من سفرٍ طويل ..
يتوجب عليك ايضاً أن تبحث عن ذاكرة بديلة أو أن تعيش بلا ذاكرة إن استطعت ..
كما أنه من المفترض أن تركض متجهاً للمجهول ، تركض كما لو أنها الفرصة الأخيرة ، تركض حتى تهرب منك كل الأفكار والمواقف و التواريخ ..
ويلزمك الكثير من الأوراق لأن هذا الصخب الذي بداخلك لن يهدأ إلا على ورقة ، الورقة: الجماد الأكثر حناناً ودفئاً في العالم ..
يلزمك ايضاً منوم لينقذك من دوامةِ السهر ، من خلية التعذيب الليلية ، من أفكار الليل المجنونة.
و لاتنسى أنك بعد كل هذا ستصبح وحيداً وهذهِ هي ضريبة الأيام ..
الأيام المتوهجة لها ضريبة ايضاً ياعزيزي.
قبل أن أخبرك لأي مرحلةِ وصلت من هذا كله سأسألك أولاً : هل تعرف ماذا تعني الخيبة ؟
الخيبة كما اتصورها أنا هي شعور السمكة عندما تبتلع طُعماً ظناً منها بأن هذا الطُعم سبيل للحياة وماعلمت أنه طريقها الحتمي إلى الموت ، طريقاً لحياةِ كائن حي آخر يسمى الأنسان ، الأنسان الذي سطّر اعظم قصصه ليشرح للعالم مامعنى الخيبة ، هل شعرت يوماً ما بأنك تكاد أن تكون سمكة ؟
المهم أنا الآن في المنتصف بين الرغبة في المُضيّ قدماً أو الجلوس والبكاء على الأطلال ، ولكن لاتخف امرأة مثلي تعرف جيداً كيف تغرس اصابعها في ذاكرتها وتنسى كل شيء..
امرأة مثلي لاتُجيد البكاء وقادرة دائماً على التجاوز والتخلي ."
تحياتي .
*أثير آل واكد