علاقة الإنسان بالكلمة لا تختلف كثيرًا عن علاقته بالإنسان..

لكلٍّ منا دائرة كلماتِه التي لا تضم بالضرورة أفضل المفردات والمعاني على الإطلاق، لكن يكفينا أنها الأقرب لشخصياتنا.

دائمًا ما يقال أن الحب رزق، وأن الأرواح قد تتآلف أو تتنافر دونما أسباب واضحة، ويقال أيضًا أنها "كيمياء" الأشخاص. في اللغة، هناك الكثير من المترادفات، ولكننا غالبًا سنحبّ -أو نبغض- إحداها من دون البقية، رغم تشابه معانيها.. ربما تكون "فيزياء" الكلمة؛ رسم، صوت، وتردد/صدى داخلي.

ليست الدلالات دائمًا هي ما تحدد مشاعرنا وتفاعلنا مع الكلمات، أو أفضّل القول بأنها ليست الدلالات المعجمية للكلمات، كالمعاني التفصيلية التي تميِّز كل مرادفة عن الأخرى، لكنها قد تكون الدلالات الشخصية المختلفة عند كلٍّ منا حسب تاريخه اللُّغوي الخاص.

يختلف الناس من حولنا على تعريفنا حسب العلاقة التي تربطنا بهم (تاريخهم معنا) وقد يختلف تعريفنا لأنفسنا عن أيٍّ من تعريفاتهم.. التعريف الشخصي لكلٍّ منا يظهر في السيرة الذاتية، بكل المعلومات الأساسية والكفاءات والمؤهلات، لكننا أكثر بكثير من مجرد أسماء وأعمار ودرجات علمية وخبرات مهنية! هناك بعدٌ آخر يعرفُه أصدقاؤنا والأشخاص القريبون منا، ويرى الذين لا يحبوننا بعدًا ثالثًا..

الدلالة المعجمية للكلمة هي السيرة الذاتية لها، التي يستطيع أيٌّ منا معرفتها بالبحث في المعاجم، لكن الدلالة الشخصية للكلمة لا تُبنى إلا بمخالطتها!

قد نلجأ للكتابة عوضًا عن الشكوى كأسلوب تعبيرٍ عن النفس، فنتخيّر المفردات لنَصِف -نحنُ- ما نفكر ونشعر به، لكن ما إن تترتب الكلمات وتستقرّ الجُمَل حتى تصبح "هي" من يُحسنُ فَهمَنا كصديقٍ حميم! ولذا طالما شُبِّهت الكتابة والقراءة بالأصدقاء.