ميزة العقل البشري تكمن في قدرته على التعامل مع الأشياء بمفهوم أعمق من الحِس!
يزعمُ الملحدُ أنّه "بذكائه" قد تجاوز الأساطير إلى العلم، ويدفعه ذلك الاعتقاد لأن يضرِب بكلّ ما لم يُكتشَف أو يُثبَت علميًا عرض الحائط كأنّما قد أحاط بالعلم من أطرافه. لطالما لَعِبَ العلمُ دور الملاذ الآمِن للمؤمنين بما يُثبته من إيمانيَّاتهم، وهو أيضًا حُجَّةُ الملحدِ المزعومة بما لم يثبته مما يعتقده الملحد أساطيرًا.. لكن بعيدًا عن هذا وذاك، لا ينبغي أن يشكل العلم أساسًا يُبنى عليه اعتقادُ أيٍّ من المؤمن أو الملحد، فما لدى العالَمُ من علم -إن كان صحيحًا على الدوام- ليس إلا قطرة في محيط الحقيقة، فكيف وإن كان خاطئًا!
إنّ أضعف ما يحتج به الملحد هو أنّ ما يؤمن به المؤمنون ليس له أساسٌ من العلم -الحِسّي أو ما يسمى التجريبي-، ذلك أنَّ اعتمادنا على الحقائق -الناقصة إن لم تكن مشوّهة- يُصّورنا كعبدٍ أينما يوجِّهه العلمُ يذهب، ويَرجِعُ كلما أبطل العلمُ شيئًا قد كان أثبته أو أثبت شيئًا قد كان نفاه.. غير أنه لا يكمُل إبطالُ فرضية إلا بإثباتِ بُطلانِها، لا بالعجزِ عن إثباتها.
لا بأس في أن نرى الحياة بأبعاد مختلفة كلما تغيرت مفاهيمُنا، لكني لا أتصوَّر أنَّ حصرَ تلك الرؤيةِ ببعدٍ واحد محصور في المستوى المرئيّ الملموس يمكن أن يكون أكثرَ "ذكاءً" من إدراك أبعادها الأخرى، وإلا لكنا بحاجة مهاراتٍ عقلية لا تزيد عن تلك التي لدى القرود :)