من منطلق أنّ هوية الإنسان يجب أن تحدد معاييرَ وتفاصيل سلوكه، فإن السلوك يجب أن يحوي الهوية كاملة في ثنايا تفاصيلِه.
لهذه الفكرة ذِكرٌ كثير في عددٍ من الآيات والأحاديث التي تُعنى بسلوكيات المسلم في مختلفِ جوانبِ الحياة -التي قد لا يظهرُ كونُها دينية بحتة- حرصًا على اكتمال حضورِ الهوية وتأثيرِها في أبسط مشاهد حياة الإنسان المسلم.. وفي قولِه تعالى على لسان لقمان لابنه "واقصِد في مَشيِك" لفتةٌ لأنّ كثيرًا من السلوك وإن كان تابِعًا -بطبيعته- للهويّة، إلا أنّه يشمَلُها كما تشملُه؛ وأنّ بناء الإنسان لعاداته وطباعه على أساسِ هويّته النظرية هو ما يحوّلها إلى "واقع" وهويّة فعلية، فعّالة.. فالقصد في المشي في الآية هو التوسط والاعتدال.. أن لا تمشي متلكئًا كسلانًا، وأن لا تركض كالأنانيين.. ومن بُعدها الآخر، هو أن تسعى في الحياةِ لهدف، أن تحدد الوِجهةَ، لا أن تنسى نفسَك في ملهياتِ الطريق فتضيع بلا هدف، ولا أن تركضَ لرغباتك لاهثًا كمن يتهيّأُ لِحاقَ ما ليس له.