كثيرٌ منّا يتغنّىٰ بـِ لو عادَ بي الزمان لكنتُ صانِعًا كذا وكذا .. رافضًا أحواله، متجهّمًا من موقعه في خرائط غيره، أو ممتعضًا من مواقعهم في خريطته، غير راضٍ عن وظيفته، وسلوك جيرانه، محمّلاً ماضيه مآل أمره.
أما سألت نفسك سيّدي الممتعض: ما الضمانات التي بحوزتك وتكفل لك اتخاذ قرارات صائبة لو عاد بك الوقت؟ لا شيء طبعًا !.
لا أحد فينا يروّض أفكاره السّلبيّة في خلوة مناسبة، أو في صحبَة حذقة ترتق كثيرًا من ثقوب تساؤلاته .. الجميع مكتفي وهو في غاية العَوَز، مكتفي بأنانيته وجحوده وجهله، ومتغافِل عن السبب الأهم للإحباط والهموم؛ وهو الحافز المستقبلي الذي أسكنوه بأيديهم دور الوحشَة والعزلة .. متذرعين بالأحوال البائسة للأوضاع الاقليمية وتسلّط الحكام وجشع زمرة الشاهبندر، وكأنّ جنة عدن هي حال الأرض وتاريخها وما ذُكِرَ أعلاه من منغّصات هم الطوارئ !.
لما يخلق البعض عالمه الخاص، ويعتني بتفاصيله الصغيرة، وينشغل بها، حتمًا لن يجد وقتًا يزفر به من العناوين العريضة التي أحبطته، والتي لم تكتبها أخطاؤه، ولن يمحوها هواء فمه. لست هُنا بمعرض التنظير .. لكني أؤمن بأن التغيير للأفضل منوط بأمرين؛ أوّلها تشاغل المرء بنفسه، وتحقيق الاتزان الداخلي بين ماضيه ومستقبله بتعظيم حاضره فقط. لذلك لا تتمنى الرجوع أيها الإنسان وأنت مغيّب .. فتنكص !.