لم تتوقف شلالات الدم التي اصبحت تعد احد روافد الفرات ودجلة,الحكومات المتعاقبة لا تزال متحصنة في المنطقة الخضراء التي هي الاخرى لم تسلم من تسلل الارهابيين اليها,فأي دولة هذه التي لا تخضع مساحات كبرى منها للشرعية؟ قد نجد العذر للمناطق المختلفة في العراق بان تشكل فرقا قتالية لحمايتها من المجرمين.

لم تسع الحكومات المتعاقبة منذ سقوط النظام,الى بناء جيش وطني ولاءه للوطن وليس للطوائف,التي اصبحت تتقاتل فيما بينها لأجل حصد المزيد من المكاسب ,النظام السياسي المبني على المحاصصة الطائفية والمذهبية, لن يقيم دولة مدنية متحضرة يشعر فيها جميع ابنائها على مختلف اطيافهم, بالأمن وأنهم المستهدفون من التغيير بما يحقق لهم مطالبهم في العيش بكرامة والاستفادة من ثروات الدولة الهائلة,وتجعله في مصاف الشعوب التي تتمتع بالرفاهية.

سنوات عجاف لا تزال تعصف بالمجتمع العراقي,تصدير النفط لم يتوقف يوما (تجاوزت 3.5 مليون برميل يوميا) وفي المقابل لم يلحظ المواطن بناء او صيانة أي مرفق عام (تم نهب مكوناته-او تدمير بعض اجزائه) لتقديم الخدمات ,آلاف المشردين دون مأوى في مناطق تقول الحكومة بأنها امنة,فلماذا لم تبن لهؤلاء منازل محترمة لإيوائهم؟ الجواب بالطبع ان ايرادات بيع النفط تم التلاعب بها من قبل المسئولين الممددين لأنفسهم (فرضوا انفسهم بالقوة) او الممدد لهم (بفعل النظام الطائفي المقيت ) رغم اجراء العديد من الانتخابات البرلمانية والمحلية.

كنا نتمنى على النخب السياسية التي تدعي الوطنية, ان تسعى الى لم الشمل وإجراء اصلاحات بما يتماشى وإلغاء نظام المحاصصة الطائفية والمذهبية,والتعامل مع المواطن في البلد على انه كيان بشري لا يختلف عن غيره من حيث الحقوق والواجبات, لكن يبدو ان الممسكين بزمام الامور ابوا إلا الاستمرار في نهجهم التخريبي, الممزق للنسيج الاجتماعي,ما يعني استمرار معاناة المواطن الذي يندب حظه.

أي دولة محترمة وتصنف نفسها بأنها مستقلة وذات سيادة, تسمح لنفسها بالاستعانة بعناصر مسلحة محسوبة على طيف شعبي معين لمقاتلة تنظيم الدولة؟,ان الاستعانة تؤدي الى خلق فتن وتأليب الرأي العام بالمناطق المتعددة مذهبيا وطائفيا المراد تحريرها,وبالتالي فان دوامة العنف والكراهية ستستمر.

أي قيمة لدولة تنتهك حرماتها من قبل الجيران برا وجوا؟ ,أي قيمة لدولة لا تزال تستعين بدول هي من أنشأت واحتضنت ورعت (ولا تزال) الجماعات الارهابية,لأجل محاربة الارهاب والقضاء عليه؟,أي وطنية يحملها غالبية ساسة هذا البلد وهم يتقاطرون على العواصم الغربية واخذ الاوامر منهم؟ أي دولة هذه التي تقف عاجزة عن تمرد احد اقاليمها الذي ينعم بالحكم الذاتي,فيقوم ببيع النفط سرا وعلانية وعقد الصفقات المشبوهة مع دول تكن العداء للشعب العراقي وتسعى جاهدة الى تفتيته؟ ,أي دولة هذه التي تسعى الى وأد ابنائها رغم توفر كافة الامكانيات للعيش الكريم ويدين اهلها بالاديان السماوية التي تحرم قتل النفس الا بالحق؟.

الثورات عندما تنحرف عن مسارها (لو سلّمنا جدلا بأنها ثورات اتت للصالح العام ) يصبح لزاما على الجماهير بان تقوم بثورة تصحيحية,تعيد الامور الى نصابها,يكفي ما تم هدره من اموال على مدى 14 عام,يكفي اراقة الدماء والتهجير,حان الوقت لان ينال المجرمون جزاءهم,ولان يستفيد الشعب من خيرات بلاده.لا تعولوا كثيرا على الانتخابات القادمة فهي في حال حدوثها لن تؤدي إلا الى اعادة انتخاب النخب الحالية او من هم على شاكلتهم,بمعنى تدوير قمامة.