" لا أعرف ماهو دافعي للكتابة الآن وفي هذا الوقت غير أني أدركت بأن العناوين والمناسبات غير مهمة لفعلِ شيءٍ ما ، المهم هو أن تفعل ماتريد دون أن تبحث عن الأسباب أو الدوافع ..
أعلمُ أنّي سوف أناقضُ كلامي هذا بعد سطرين أو ثلاثة لأخبرك عن السبب الوحيد الذي يجعلني أكتب بلا سببٍ كما أقول ، ولكن سأحاول أن ألتزم الصمت ..
على فكرة هل تعلم أن الصمت هو من أكثر الأصوات ضجيجاً ؟
أن تكون صامتاً يعني أن بداخلك صخب لايهدأ ، يعني أن تُفكّر بلا توقف ، أن تشعر بأن عقلك سينفجر من زخمِ الأفكار ، أن تشعر أنك في حالةِ تأهبٍ للأنهيار ولكنك صامت ، صامت كما لو أنك دُمية برأسٍ مقطوع ..
تصمت وبداخلك رغبة كبيرة في الصراخ ، ليس لأنك تريد الحديث فقط !
بل لأنك تريد إسكات الفوضى التي بداخلك ،
في النهاية كل الطرق تؤدي إلى الصمت ،
لايوجد حل .
نسيتُ أن أخبرك ، ذات مرة حاولت أن أُسكت الأفكار التي يتعالى صوتها بداخلي عن طريق تناولِ حبة" بنادول "ظناً منّي بأنهُ مُسكّن للأفكار ، هه !
حاولتُ دائماً أن اتحرر من صمتي ولكن بلا جدوى لأنهُ لايوجد وقت كافي للكلام ..
يخيّل إلي احياناً بأن الحياة قطار ضخم ، يمشي بسرعة جنونية وجميعنا هنا ركّاب فقط ،
ولا محطات هُنا يمكنك الوقوف بها ، لا مكان للبُكاء ، لا مكان للصراخ ، عليك دائماً أن تلبس ملامحك الجامدة وتتحدث بمفرداتك العلمية عن اهتماماتك وخططك التي تكتبها كل يوم في سبيل أن تعيش بشكلٍ مثالي ، بينما في الواقع ندرك جميعنا بأننا نتحدث ونركض إلى شيء غير موجود ، وهمٌ ليس إلا .
كنت قد سألتني مره عن الفكرة التي تراودني كل يوم ، أنا لا تراودني الأفكار فقط !
أنا تلتهمني الأفكار والأسئلة ، لم يبقى من دماغي سوى مكان للذاكرة الضعيفة أما الباقي ، انتهى ، تآكل ، أو ربما استئصلتهُ الأفكار المجنونة .
كبرت ياصديقي على كتابة رغباتي وأفكاري ، أنا ليس لدي إلا حُلم صغير ، صغير جداً واخجل دائماً أن أذكره ، أنا أوّد أن تمنحني هذهِ الحياة السريعة وقتاً كافي للأنهيار ، للأعتراض ، للبكاء ، للمواساة ، للأستلقاء على سريري لفترة زمنية دون أن أفكر بما سيتوجب علي فعلهُ غداً ، أودّ أن تمنحني الحياة عذراً للغياب ، عذراً يقبلهُ الجميع ، ابتداءاً من عائلتي التي تخافُ علي من البكاء وانتهاءً بكل المعلمات الذين سيضعون بقلمهم الأحمر علامةً عند اسمي ، أرجوكم امنحنوني فرصةً للبكاء "
#أثير_الواكد