لم تتحقق أي من المطالب(المعلنة),فلا الدستور الذي كان ينظر اليه على انه الركيزة الاساس لبناء الدولة تحقق,هيئة صياغة الدستور يبدو انها في اجازة مدفوعة الاجر, وفي ظل الانقسام السياسي والمطالب العرقية لبعض مكونات المجتمع,فلا دستور في الامد القريب.دولة المؤسسات التي كنا ننشدها لم تتحقق,المؤسسات الخدماتية تم القضاء عليها,قطاع الصحة وبشهادة المنظمات الدولية المختصة اصابه الشلل الكامل, القطاع المصرفي اصبح دوره توفير السيولة بدلا من المساهمة في اعادة الاعمار.اما عن الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة فكل من تم انتخابه لا يزال متمسكا بالسلطة,فلا داعي من وجهة نظر هؤلاء لإجراء انتخابات جديدة ويرون انهم الاكفأ وأنهم لم يمنحوا الوقت الكافي لإظهار مواهبهم واثبات جدارتهم .

بخصوص حرية الرأي والتعبير فان حكامنا يرون اختلاف الاراء في هذه المرحلة (العصيبة) امر قد يساهم في احداث الفرقة والفتن بين مكونات الشعب, وبالتالي لا داعي الى وجود منابر اعلامية لا تشاطرهم الرأي,فشاهدنا قفل عديد الفضائيات والزج ببعض الاعلاميين في السجون,اما المشاغبين والذين تجاسروا فكانت بضع رصاصات كفيلة بإسكاتهم الى الابد.

شعب بثلاث حكومات,احداها شرعية ولكنها مشلولة,وأخرى انقلابية يقودها الذين خسروا انتخابات العام 2014 بفعل اذرعهم العسكرية وأصبحت في الاونة الاخيرة هلامية,تتشكل وفق الظروف,تمددا وانكماشا,وثالثة حكومة وصايا فرضها الغرب وبتآمر مع بعض الدول الاقليمية والجوار.

كان يحذونا الامل بان نعيش متمتعين بخيرات بلادنا, لم نكن نتصور ان يرى الناس والعالم المتحضر هذه المناظر البشعة, جثث ابرياء ملقاة على الارصفة او في اماكن تجميع القمامة ,مقطعة الاوصال وتفوح منها الروائح النتنة للأجساد المتحللة.  

 كنا نأمل في أن تساهم العمالة الاجنبية في بلادنا بأعمال البناء والتشييد للبنى التحتية ليعيش المواطن حياة الرفاهية وتكون ليبيا في مصاف الدول المتحضرة, فإذا بحكامنا الجدد يستغلون الاجانب فيقومون بترحيلهم الى اوروبا(احياء تجارة البشر) ويتقاضون الاموال الطائلة من وراء ذلك, يتمكن ابناءنا من دخول معترك الحياة من خلال العديد من المجالات التي تساهم في نهضة البلد,ولكن الصراع على السلطة اجبر ابناءها وخاصة صغار السن الذين لم يجدوا عملا  الانضمام الى الميليشيات وما اكثرها, فكانوا الوقود الرخيص لاشتعالها,بعضهم اضطروا الى عبور البحر.

كان لنا أمل, أن الذين اخترناهم ليحكمونا سيبذلون قصارى جهودهم لما فيه المنفعة العامة فإذا بهم يسعون بكل ما اوتوا من خبث ومكر لتحقيق اقصى المنافع الشخصية والحزبية والطائفية والجهوية فأشاعوا في البلد  الخراب والدمار, فكشفوا بذلك عن مدى حمقهم وجهلهم وحقدهم الدفين.

لم يخطر ببالنا يوما أن تصبح دماء الشهداء مطية لفعل المزيد من الجرائم(الاخذ بالثأر)، فكانت لذويهم الاسبقية في التعيينات بالسلك الدبلوماسي, فأصبحت الدماء تدر نقودا بعد ان قضى حكامنا على كامل الاحتياطي والمجنب فأصبحوا بارونات اموال تشهد لهم بنوك المغرب وتونس وتركيا بذلك.

بفعل ولاة امورنا سواء اولئك الذين اخترناهم او الذين نصبوا انفسهم اوصياء علينا,الذين صاروا ملتصقين بالقنوات الفضائية الاخبارية والدينية,اصبحت الامال كوابيس لا تكاد تفارقنا.

الاحتفالات بالمناسبة حتما ستكون متباينة,فالجماهير في شرق البلاد تطل المناسبة والدماء الناتجة عن التفجيرات الارهابية بأماكن العبادة لم تجف بعد,ربما تقوم بإيقاد الشموع في مواقع التفجيرات,اما في الغرب الليبي وبالأخص العاصمة فان الساسة (الرئاسي والأعلى للدولة) سيقومون باستعراض ميليشياتهم لبث الذعر والخوف في نفوس المواطنين الذين سئموا الحياة ويعانون الذل والهوان في ابشع صوره,وبالأخص نازحو تاورغاء,فوعود الرئاسي لهم ضاعت هباء,لأنه لا يملك سلطة القرار بل رهينة الميليشيات,النازحون الذين صدقوا الوعد,فكان نصيبهم المبيت في العراء ومساعدات الاغاثة الدولية,وإيرادات النفط يعبث بها الحذاق والشطار. 

الميليشيات المدعومة من الرئاسي تجردت من الانسانية,وكشفت عن عنصريتها تجاه سكان تاورغاء.المؤسف له حقا ان كان اول ضحايا الثورة ليبي (الشوشان)من ذوي السحنة السمراء وقيل عنه انذاك بأنه مرتزق(افريقي)رغم تحثه مع جلاديه بأنه مواطن ليبي,فأنكروا عليه ذلك وأبوا إلا قتله بأشنع الطرق والتمثيل بجثته وصلبها في مكان عام.