استعد بعض أهل القرية للذهاب إلى سوق السبت، ليبتاعوا أشياءهم البسيطة ، بينما انتشر آخرون في حقولهم ، عندما ظهرت أرتال من جنود مدججين بالسلاح ، تتقدمهم الدبابات ،وتحوم من فوقهم طائرات الهيلوكبتر ،استبد الرعب بالقرية ، انطلق كل إلى جهة ظن أنها تعصمه من ذلك البلاء الماحق ، الذي حط عليهم من السماء ،و طوقهم من الأرض ، حاول بعضهم الفرار ، تجمد بعضهم من هول المشهد في أمكنتهم ، خبأ ت الأمهات أطفالهن . أصدر قائد المجموعة الأمر : اقتلوا كل من يفر ، وكل من يثبت ، وكل من ظننتم أنه يخبئ شيئا !.
ثم جاءت أوامر أخرى: اقتلوا كل ما يمشي ، أو يزحف ، أو ينمو ! ، 
ارتفع الضحى ، ألقي سبعون أكثرهم من النساء والأطفال في ساقية شرقي القرية، ثم صدرت أوامر متتالية بقتلهم جميعا، وشارك قائد المجموعة نفسه في قتلهم ،سالت الدماء ، توزع الجنود في أنحاء القرية يرصدون مزيدا من الحركة، ويسفكون مزيدا من الدماء ، 
استحر القتل ،اشتعلت البيوت نارا ، أخذت مروحية بالهبوط في وسط المشهد، نظر قائدها من النافذة ، رأى الغيوم السوداء تنقشع، نفذ من خلالها شعاع من ضوء الشمس ،شيئ ما تحرك في قلبه ، التفت إلى الأرض ، رأى أمهات يدرأن الرصاص عن أطفالهن بأجسادهن النحيلة الواهنة ، شيئ ما انكسر في قلبه ، أخذ نفسا عميقا ، وأخذ اللاسلكي ، وتوجه إلى قائد الفرقة ومن معه من الجنود : إذا لم توقفوا القتل سوف أمحوكم عن وجه الأرض!!
ارتد الجنود إلى الخلف ،وهدأ القصف ، فصلت الطائرة الطرفين، هدد قائدُ المجموعة الطيارَ بمقاضاته لمخالفته الأوامر و التهديد بقتل رفاقه .
كانت قد مرت أربع ساعات من صور الوحشية ، وكانت تلك هي قرية (ماي لاي )في جنوب فيتنام ، وكان ذلك في الساعة السابعة والنصف من صباح السبت السادس عشر من آذار عام ١٩٦٨ وكان الملازم في الجيش الأمريكي (ويليام كايلي )هو الذي أعطى الأوامر و كان الطيار ( هيو ثومبسون ) هو الذي غير المشهد في ساعة صحو من ضميره. 
مضت سنة ونصف قبل أن يسمع أحد بما جرى في ذلك الصباح الرهيب ، حتى صحا الصحفي (سيمور هيرش ) وقد قرر أن يخترق الصمت و ينشر الفضيحة ، فتناولتها وسائل الإعلام بعد تردد طويل ، تفصل وتحلل وتستقصي .
كان عدد القتلى ٥٠٤ أكثرهم من النساء والأطفال ، وحسب شهادة أحد الجنود في المحكمة لم يكن بينهم مسلحون ، ولا من هو في سن يسمح له بالقتال ، ولم يكن بين الأمريكيين إصابات . وشهد آخر بأنه سمع النساء يصرخن في توسل : ليس عندنا مسلحون ، قبل أن يطلق عليهن الرصاص ، 
حكم على الملازم الذي أدين بقتل ٢٢ شخصا بالسجن مدى الحياة ،لكنه لم يبق فيه إلا بضعة أشهر ، حيث أطلق سراحه بعفو رئاسي أصدره الرئيس نيكسون .
يقال إن من لا يقرأ التاريخ حري به أن يكرر أخطاءه ، ويقول عالم الأعصاب الشهير (روبرت سابولسكي )متفائلا ومعلقا على هذه الأحداث : إن من لا يقرأ التاريخ ليس حريا به أن يكرر مشاهد صحو الضمير .وكان قد قضى سنوات طويلة في مختبره يدرس دوافع تغيير السلوك الإنساني في الدماغ . 
تكرر آذار بعد ذلك مرارا ، ولكن الغيوم السوداء لم تنقشع ، أصبحت الطائرات تطلق حممها من علو بعيد بحيث لا يرى جنود الجو ضحايا الأرض ، ولم يفهم بعد علماء الأعصاب سر أدمغة القتلة ، ولم تعد المجازر تثير شهية الصحفيين ، حتى بعد أن علموا أن الصحفي سيمور هيرش نال جائزة البوليتزر عام ١٩٧٠ عن جهوده في كشف مجزرة (ماي لاي) في فيتنام ! .