كرة القدم؛ هذه اللعبة التي يتابعها الملايين في أصقاع الأرض، وعشقوا نجومها الذين أبدعوا فيها، فلا احد ينسى الجوهرة السمراء بيليه أو الاسطورة مارادونا، ومازال النجم ليونيل ميسي وغريمه التقليدي كرستيانو رونالدو، يحضون بقلوب الكثير من عشاق كرة القدم، ويتغنون بمهاراتهم وانجازاتهم.

   كذلك هناك لحظات ومشاهد في هذه اللعبة لن تتكرر أبدا، ولن ينساها الجمهور العاشق لهذه اللعبة، فمازال هدف الانكليزي هورست على المانيا الغربية عام 1966 مثار جدال الى هذا اليوم، وتسجيل مارادونا لهدفيه على انكلترا عام 1986 تتكرر مشاهدها الى الآن، ونطحة زيدان للاعب الايطالي ماتيرازي عام 2006 تم تجسيدها في تمثال لكي لا تنسى، وما زال الجميع يتذكر كيف أحرزت اسبانيا هدف الفوز على هولندا عام 2010، وكيف فازت ألمانيا على الارجنتين عام 2014، حيث أحرزتا هدف الفوز في الدقيقة 116 من المباراة.

   يصر بعض البرلمانيين العراقيين على تقمص دور نجوم كرة القدم، عسى ولعل أن ينالهم إعجاب الجماهير، وتتأثر بما يقدمونه من عروض في ملعب البرلمان العراقي، الذي تحول الى ما يشبه ساحة كرة القدم، لكنه لا يخضع الى قوانين الفيفا التي تراعي اللعب النظيف، بل وضعوا قوانينا خاصة بهم تراعي مصالحهم وما يطمحون له، في خلق أجواء من النجومية حولهم ترافقهم عند الترشح للانتخابات البرلمانية القادمة، ليس الغاية منها الدفاع عن ناخبيهم أو مراعاة  مصالح الوطن، لذلك طال الجدال والشد والجذب حول الموازنة الاتحادية وقانون الانتخابات البرلمانية.

   من الأساليب التي ابتدعها بعض اللاعبين ( النواب ) خلال هذه الفترة، لخلق لحظات الأكشن والنجومية يجلبوا جمهورا يصفق لهم ويشيد بانجازهم الهزيل، مستعينين بجرعة الاستجوابات لوزراء ومسئولي هيئات، حتى صار جدول البرلمان مزدحما بجلساتها، وكأن أعضاء البرلمان يريدون تعويض فترة السبات التي مروا بها طوال أربع سنين، وهم يعلمون أن استجواباتهم هذه لن تغني من عطش أو تسمن من جوع، ولكنها عبارة عن محاولة لتسجيل هدف في الوقت الضائع، يجلب النجومية والشهرة للمستجوب.

   فأغلب المراقبين؛ يرى بأن هذه الاستجوابات مسيسة ودعاية مبكرة للبرلماني المستجوب، تحاول خلق الدعاية والشهرة، والتشويش على من استجوبه، ولن تطور شيئا من أداء السلطة التنفيذية التي قاربت فترتها على الانتهاء، وهي هجمة غير منسقة في الوقت الضائع لن تحرز هدفا أو تصيب غايتها، التي عرفها الجمهور وأدرك أنها عبارة عن استعراضات بهلوانية، خاصة وان بعض النواب المستجوبين كانوا يدافعون عن مسئولين متهمين بالفساد من كتلهم، وكان الأحرى بهؤلاء إرسال تلك الملفات التي فيها شبهات فساد - كما يدعون – الى الجهات المختصة، لكي تتخذ الإجراءات القانونية بحقها.

   لقد عرفت الجماهير العراقية أن ظاهرة ميسي ورونالدوا لن تتكرر في البرلمان العراقي، وأن ما يجري لن يحقق أمنيات من يقوم به، ولن تنطلي خدعة هؤلاء على الجمهور الذي سأم من هذا اللعب البائس، الذي لن يحقق نتيجة تذكر ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.