مع دخول البلاد الفوضى العارمة,أصبحت اعمال البلطجة هي السائدة,رافقتها مكاتب تحرير عقود متنقلة لأجل ان تتم العملية في اسرع وقت ممكن,حيث يقرُّ مالك السيارة على انه قبض كامل الثمن والتنازل عنها وهو بكامل قواه العقيلة والبدنية,ربما التوقيع لا يكفي,لذلك فان المحبرة جاهزة ليقوم بعملية البصم,اما الشهود فان عددهم لا يحصى ولا يعد,مثل هذه الخدمات قد لا تتوفر في ارقى الدول,لقد اصبحنا عن جدارة في صدارة الدول المتقدمة.

لقد تدنى مستوى خدمات بعض الجهات,مؤسسات اخرى اصابها الشلل التام,سيطر اصحاب الميليشيات على مفاصل الدولة وكل ما من شانه جلب اموال,المؤسسات الانتاجية تعمل لأجلهم بعد ان وضعوا عليها اليد,اعتبروها ملكا لهم,رفعوا اسعار منتجاتها لتلبي طموحاتهم في الاستحواذ على اكبر قدر من الاموال لإعادة استثمارها في ظل شح الدعم من قبل حكومة الوفاق,ولتزداد حياة المواطن قساوة,يترك الدفء في بيته ويبيت في العراء على الارصفة امام البنوك,ليمنوا عليه ببضعة دنانير لاتسمن ولا تغني من جوع,بعد ان يتلقّى بضع كلمات من القائمين بالعملية التنظيمية تجعله يشعر انه ادنى اصناف البشر.بعض المصالح العامة اغلقت ابوابها ومنها مصلحة التسجيل العقاري والتوثيق التي تحوي الوثائق الدالة على ملكية الدولة ورعاياها للعقارات المختلفة.

عمليات بيع وشراء العقارات بمختلف اصنافها لم تتوقف يوما عبر المكاتب المختصة,لكنها تبقى محل شك وقابلة للطعن عند قيام الدولة,خاصة وأننا نعلم جيد ان هناك العديد من الاراضي العامة والخاصة قد تم التعدي عليها بقوة السلاح,وسقط العديد من القتلى والجرحى وأودع البعض السجون دونما وجه حق,بل لأجل الابتزاز والتنازل عن الممتلكات.  

قامت بعض الميليشيات والأشخاص الاعتبارية بتدمير المشاريع الزراعية والاستيلاء على الاراضي الفضاء وتقسيمها الى اراض قزميه سكنية وبيعها للآخرين وخاصة الذين فروا من مناطق الاحتراب بأسعار تقل عن سعر السوق(باش ايبيع المولّد رابح).

هناك اخبار متداولة بشان قيام البعض بإبرام عقود انتفاع مع (الدولة-المغيّبة) لمدد طويلة بحيث يتمكن المنتفعون بعدها وفق القوانين الوضعية (بحكم التقادم ووضع اليد)من تسجيلها رسميا بأسمائهم.

لهذا الغرض اقيمت مؤخرا بأحد فنادق العاصمة,ورشة عمل بشان تفعيل التسجيل العقاري, والهدف من تلك الورشة هو اعادة فتحه ولو جزئيا ليتسنى لمن قاموا باغتصاب الممتلكات العامة والخاصة,بتسجيلها لدى المصلحة في ظل الظروف القائمة التي لا تسمح لأصحاب الشأن بالطعن او التقاضي,ما يعد ظلما صارخا في حقهم,وكذلك حرمان المجتمع من ايرادات (ضرائب-رسوم تسجيل)كانت ستذهب الى الخزينة العامة لتساهم في تدوير عجلة الاقتصاد والبناء,وتعود بالنفع على المجتمع.

نتمنى على جهات الاختصاص وبالأخص النائب العام الذي اصبح يتمتع بهامش حرية,بان يقطع الطريق على هؤلاء,وذلك بأن يُبقي على ابواب المصلحة مغلقة الى حين قيام الدولة وخاصة مؤسساتها الامنية,والاستفادة من عوائد التسجيل بدلا من ان تذهب هذه العوائد (لا شك انها ستكون كبيرة جدا)الى جيوب الميلشيات ومنعدمي الضمائر ليزدادوا ثراءا وصلفا وجورا,وان يبقى التسجيل العقاري الملاذ الآمن لممتلكات المواطن وان لا تضيع املاك الدولة.