أن تكبر قبل سنك أمر متعب جدا ، أن تتحمل مسؤولية نفسك في عمر الثامنة عشر أشد صعبا . أن تعيش بمفردك وسط عائلة تسودها اللامبالات تجاهك أمر فاق المرهق بقليل .. كانت العزلة حلي الوحيد ، لم أرد جرح أحد بينما جراحي تنزف فالله وحده يعلم مدى قساوتي حين يطغو علي الألم. تركت نفسي فتركني الجميع .. أمضي معضم وقتي في هذه الغرفة البائسة لعائلة أبأس منها منها . غرفتي تفتقر لأي معنى من الدفئ و عائلتي كذلك . هل تعلم ما معنى أن تبكي بحرقة و لا يلاحظ صراخك أحد؟ هل تعلم ما معنى أن تعايش أسوء حالاتك و أسعدها و لا يشاركك فيها أحد؟ هل لك أن تعرف ذلك الشعور الغريب قبل النوم :ان تنظر للسقف و تتأمله بشدة و من ثم تقول له تصبح على خير و تنام لأنه الوحيد الذي رافقك في محنتك. مرحبا بك في سجني ، مرحبا بك في زنزانتي التي أعزل فيها نفسي عن هذا المجتمع التافه و هذه الحياة الحزينة . لا شيئ أسوء و أفضل في الوقت ذاته من العيش وحيدا ، لكن .. ينتابني شعور غريب ، من الصعب حقا وصفه او حتى كتابته .. لكني حقا أفتقد نفسي ، أشتاق لها حقا.
أكره تلك الأسئلة المتتالية عن حالي و عن كيف اصبحت ، ليس بي شيئ صدقوني إني فقط أعيش طقوس ألمي الحاد بصمت. لا أريد التحدث أو مراسلة أحد ، أجبر أحيانا على الرد فقط تفاديا للأسئلة الغبية التي تراود عقولكم المحدودة .
أعتقد أن لا أحد يلتمس لك عذرا على ردات فعلك البغيضة أحيانا ، و لا أحد يقدر طقوسك فيجعلك تعيش ما تريد عيشه في سلام . الجميع يريد إفساد راحتك و طمأنينتك بذلك المصطلح العجيب : "لقد تغيرت"
لم أتغير حقا لكن الألم قد حرق كل شيئ جميل تعودته ، روحي تحترق و بشدة لكني لازلت تلك الطفلة التي تعشق الإهتمام و أكبر طموحاتها مغادرة هذا البلد البائس ، لازلت أحب التجمعات العائلية و لا زالت كلم "سامحيني " كفيلة لإطفائ ألف شعلة في قلبي ، لا زلت أرى أن حضنا واحدا من صديق او حبيب كفيل بجعلي أسعد إنسانة على وجه الأرض و لا زلت أنا أنا . لكن أنتم من تغيرتم و تلقون أشلاء أنفسكم المحطمة علي ، فأتركوني أعيش وحدتي بسلام و كفاكم نفاقا و إدعاء الهتمام.