عوام الناس ممن إقتدر يفر من كل أرض عمّ فيها الفساد و الظلم و "يعطي الريح" لرجليه إلى بلد طيب. و متى ما عادت الحياة إلى ما يجب أن تكون عليه عاد ليعمّر "وطنه". هؤلاء يتواكلون على أن الله سيخرج لهذه الأمة قائداً مجدداً كل مائة عام وهم قد إتخذوا من مهجرهم "قاعة انتظار" إلى حين.
المرابطون هم من بقي في هذه الأرض مع قدرتهم على الهجرة و قدموا النفس و النفيس كل على قدر جهده و في مجال اختصاصه ليحدثوا التغيير الإيجابي أو على الأقل يحافظون على الأمل بأن الغد الأفضل آت لا محالة و لو في زمن أحفادهم. تذكّرني هذه المقارنة بالذين حملوا السلاح في منتصف القرن الماضي من أجل تحرير هذا الوطن الغالي رغم أن كل الحسابات المنطقية كانت تشير إلى علو كفة المستعمر في العدة و العتاد وبدت الثورة على أنها مغامرة غير محسوبة العواقب. و آخرون من قومهم بقوا يتفرجون على خط التماس طوال مدة حرب التحرير و تواصوا بأن "لا ينفروا في الحر" و لكن سرعان مانتصرت الفئة المرابطة قاموا ليجمعوا الغنائم و تباروا في رواية التاريخ و نسبوا بعض المآثر لأنفسهم و مع مرور العقود نزعوا برنوس الراوي و لبسوا ثوب صنّاع الملحمة!