يحكى أن لصوصا قاموا بالسطو على مصرف، وسرقة ما فيه من أموال بعملية ناجحة، وأخفوا ما حصلوا عليه بإنتظار أن تهدأ الأوضاع، ويتقاسمون حصصهم من هذه الغنيمة ليحصل كل منهم على نصيبه.

    في اليوم التالي ذكرت وكالات الأخبار، أن لصوصا سطوا على مصرف وقاموا بسرقة مبلغ قدره عشرة مليون دولار، فرح اللصوص بهذا المبلغ الكبير وسارعوا الى مقرهم، لعد نقودهم وتوزيع حصصهم، لكنهم وجدوا أن ما قاموا بسرقته، لا يتعدى اثنين مليون دولار !.

   أدرك اللصوص أن مدير المصرف قام باقتناص الفرصة، وإختلس أضعاف ما سرقوا دون أن تتسخ ملابسه أو يجذب الشبهات نحوه، فهو الأمين المؤتمن على أموال الناس وحقوقهم، صاحب الكلام الجميل والابتسامة العريضة، الساعي الى الخير ومساعدة المحتاجين.

  انتخب العراقيون ممثليهم في البرلمان العراقي منذ اربع سنين، ليكونوا سلطة تشريعية رقابية تحرص على مراقبة عمل الحكومة، وتشريع القوانين التي تخدم الوطن وتراعي مصالح الشعب والجماهير، التي جاءت بهم وأوصلتهم للجلوس على كرسي أعلى سلطة تشريعية في البلاد.

  على ما يبدو أن هؤلاء لم يهن عليهم ترك هذا الكرسي والتفريط فيه، بعد أن شارفت مدتهم الدستورية على النهاية، واقترب موعد الانتخابات النيابية، وهم في حرج وذل من الذهاب الى الجماهير التي انتخبتهم، وإستجداء أصواتها مرة أخرى بعد خذلانهم إياها، وشعروا أن رياح التغيير ستعصف بهم لا محالة.

  فاجتمع من إئتمنهم الشعب على حقوقه وصيانة الدستور في سقيفتهم، ليشرعنوا لأنفسهم البقاء مدة من الزمن وكل يضع له عذرا، ويجمعون الأصوات ويكيدوا المؤامرات من اجل إجراء اقتراع سري، يصوتون فيه من اجل تمديد بقائهم في البرلمان، لا يهمهم قانون أو دستور وكأن العراق ضيعة لهم.

    ما يؤسف له أن من اختارهم الشعب فضلوا مصالحهم الشخصية، وراحوا يراهنون بمستقبل العراق كله، والانجازات التي تحققت فيه بعد الانتصار على داعش، وحجم الدماء والتضحيات التي بذلت من اجل أن يبقى العراق قويا موحدا تسير الحياة فيه بشكل طبيعي، وليس من اجل أن يتربع هؤلاء على السلطة، التي يفترض أنهم أقسموا اليمن على صيانة دستور الوطن والدفاع عنه.

   يبدو إن الانتهازيين كانت سمتهم هذه طوال الفترة الماضية، لكنهم لما حشروا في زاوية ضيقة، أرادوا أن يسرقوا الوطن ويخونوا الأمانة، ولكن خاب سعيهم وفشلت مكيدتهم، فللعراق رجال شرفاء يدافعون عنه.