]1[
الفراغ حيز لا شيء موجود فيه، ويمكن ملأه بأي شيء، حتى في علوم المادة لا ينسب شيء إلى مسمى المادة مالم يشغل هذا الحيز، والعجيب أن هذه المادة التي تشغل الحيز، يسكن في داخلها فراغ كبير يشكل أكبر حجمها.. ، مليئة بالفراغ ولن تعتبر شيئاً مالم تشغل الفراغ !!
]2[
الفراغ مصطلح مجنون يتردد في سياقات مختلفة من قمة الجمال إلى بؤس اللاجمال، فالفراغ في سياق الملكية نعمة، والفراغ في سياق الكثرة باطل، والفراغ خارجك مساحات مليئة بالممكن، وفي داخلك عوالم مليئة بالآثام، الفراغ ايجاده جوده، وعيشه ظلم، ودخوله فيك يجعلك في الهامش ويسمك بالفارغ ..
]3[
المهندس يرى الفراغ لوحة للرسم، والنفس يرى الفراغ علّة تستدعي العلاج، والإداري يرى الفراغ ثلمة في العمل، والطبيب يرى الفراغ مرتبط برائحة القهوة، والمعلم يرى الفراغ فرصة للتنفس، والكاتب لا يعترف بالفراغ، والعاشق ينكر وجوده فكيف للفراغ أن يوجد في مكان ممتلئ، ولكني أتساءل أين يجد الفراغ نفسه فيما سبق ؟!! مسكين هذه الفراغ ..
]4[
صديقي الفراغ، عندما تأملت من حولي وجدت أن الفارق الذي تشكلّ بينهم في كل مستوى من المستويات وجعلهم درجات في الحياة، هو في حسن إدارتك وفن التعامل معك، تخيل!! يا صديقي الفراغ حتى أن من يسكن المستويات العليا يبحث عنك في كل زاوية، ومن يسكن أسفلها يلعنك في كل ثانية ..
]5[
صديقي الفراغ: غيابك في حياة أحدهم مطلقاً يدّل على انهيار يومه، ووجودك في حياته دوماً يدل على يوم انهياره..
]6[
صديقي الفراغ: سمعت بأنك لا تحب النسبة لبعضهم ولا تحب أن ينسب إليك بعضهم. لا تحب النسبة للعقل والروح، فتكره أن تجدك في الفراغ العقلي والفراغ العاطفي، ولا تحب أن ينسب إليك أحدهم فيسمى "فارغ". أليس كذلك ؟
هل تصدق يا صديقي الفراغ أنك ستجد صعوبة في إقناع الفارغين بذلك ؟.
]7[
كل ما نستطيع فعلّه أنت – أيها القارئ- وأنا لننجو من هذه النسبة أن نراقب من استطاعوا التخلص منها. وكيف عملوا على ملأ فراغاتهم بالاختيارات الصحيحة !! وليست الكلمات الصحيحة. فقط في الحياة يتم ملأ الفراغ بالاختيار الصحيح لتعدد الخيارات حتى في الفراغات.
]8[
أن أعظم ما يشغل به الفراغ نمو الروح والرحلة في تأمل الوجود لأنها تورث الرضا، والرضا شروع في رحلة البحث عن الذات وخلق الدور ووضع الخيارات الملائمة للفراغ، البحث عن الذات والعمل على تحقيقها ينقلنا من النسبة للفراغ إلى الصداقة معه ..
عبدالواحد محمد @abdulwahed14
26 ربيع الآخر 1439 هـ