الحكومات المتعاقبة بعد الثورة(6) اثبتت فشلها بامتياز, الثالوث المقدس او ما اطلق عليه مجازا الترويكا, ساهم بشكل فعال في زعزعة الاستقرار الامني والاقتصادي والاجتماعي, لقد تم اغتيال رموز وطنية ابدت امتعاضها من تصرفات اركان الحكم في مختلف المجالات, سجلت عمليات الاغتيال ضد مجهول لتظل في الادراج,يعلوها الغبار السياسي,علّها تُنسى بمرور الزمن. من ناحية اخرى فان خبراء ماليون يرون بأن الفساد في تونس، استفحل بعد الثورة بسبب تراخي من تولوا زمام الامور في البلد وتخاذلهم في معالجة الفساد المستشري اضافة الى غياب الإرادة السياسية العليا في مكافحة هذه الظاهرة بسبب ضعف الدولة وظهور بارونات المال العام لشراء الذمم,من ناحية اخرى ذكرت هيئة مكافحة الفساد الحكومية, أن الهيئة  تلقت خلال الاعوام الخمس الماضية حوالي 12 الف ملف فساد من بينها تسعة آلاف ملف لم يتم الحسم فيها بعد .

الوزير الاول قال قبل نيله الثقة بأنه ما لم يحدث تحسنا في الاداء الحكومي متمثلا في انتعاش الاقتصاد الوطني, فانه سيضطر الى فرض المزيد من الضرائب وإتباع سياسة تقشفية, لكنه طمأن الشعب بعد نيل حكومته الثقة بأنه لن يعمد الى مزيد من التقشف! , ترى هل قام الشعب التونسي بثورة الياسمين ليحسن وضعه الاقتصادي ام الاتيان بأناس يعيثون في البلاد فسادا؟.

ثورة الياسمين كانت تهدف بالأساس الى تحقيق الديمقراطية والتنمية,ربما تحقق هامش من حرية الرأي والتعبير وتمثل ذلك في الكم الهائل من الاحزاب,إلا ان برامج التنمية في مختلف المجالات لم تشهد تطورا ان لم نقل انه تم القضاء على بعضها بفعل الروتين الاداري,من حيث الإتيان بأناس اقل خبرة في مواقع جد مهمة وتسريح اعداد هائلة من الكفاءات بحجة انها من النظام السابق, الحكومات المتعاقبة وكسبا لود الناخب قامت بتعيين اكثر من مائة الف في الوظيفة العمومية (بزيادة قدرها 25% ) ما شكل عبئا على الخزينة العامة,حيث اتبعت الدولة سياسة التداين الخارجي منذ سقوط نظام بن علي,ومن المتوقع ان يصل العجز 10 مليار دينار تونسي موفّى العام 2017.    

وفق وثيقة قرطاج فان هناك مجموعة  قضايا هامة على طاولة الحكم تنتظر الحل الجذري,تأتي في مقدمتها الازمة الاقتصادية الخانقة,حيث تدنى الانتاج الزراعي والمنجمي, وانخفضت ايرادات القطاع السياحي بشكل ملحوظ بفعل اعمال العنف التي استهدفت المرافق السياحية,وفي محاولة منه لتطمين مستخدمي القطاع العام انه لا نية لديه لبيع المؤسسات العمومية كما ان لا نية لديه لتغيير الدستور. 

يقول محللون بان الشاهد قد تم اعداده ليكون رجل دولة, حيث تنقل بين عديد المواقع الحزبية والخدمية, حاول استمالة غالبية الاحزاب, وكسب ود الاتحاد العام التونسي للشغل,فكانت حكومته موسعة, اربعون شخصية (وزراء وكتاب دولة ) تم تغيير بعضهم,والسؤال هل افلح الشاهد في تحقيق ما عجز عنه غيره وحقق جزءا من طموحات الشعب؟, ام انه مجرد حلقة في سلسلة كبلت تونس ارضا وشعبا وساهمت في افلاس البلد؟ وبالتالي ساهم في حرق " السبسي " الذي اتى به, ضمن مسلسل (الشاهد والأربعون حرامي) ,لقد كان الشاهد ولا يزال مساهما فاعلا في فساد الدولة وشاهدا على خرابها ؟.

لقد بدا التحرك الشعبي الغاضب منذ ايام بسبب تدهور الوضع الاقتصادي والأمني وتدني مستوى المعيشة ,ربما التحركات تؤدي الى قلب نظام الحكم الذي اصبح هشا, الاشهر المقبلة كفيلة بالإجابة عن تساؤلات العديد من المهتمين بالشأن التونسي.