كانت الجزائر أغنى دول المغرب بسبب كبر مساحتها وطول سواحلها ووفرة إنتاجها الزراعي وقوة تجارتها وامتداد أراضيها إلى قلب القارة فيما وراء الصحراء الكبرى. حيث قامت تجارة ناجحة بينها وبين تلك الأقطار في العصور الوسطى. وكانت علاقتها مع الخارج أوسع مدى، وكلمتها أكثر تأثيرا في الحرب والسلم، أكسبها هذا الوضع صفة الزعامة على دول المغرب الأخرى واعترفت دول أوروبا لها بذلك، وأخذت تدفع لها الضرائب والهدايا.
وقد أورد هنري قارون : ما تدفعه دول أوروبا للجزائر من الضرائب، وصنف الدول على الشكل التالي :
- الولايات المتحدة الأمريكية - هولندا - البرتغال - نابلى والسويد - والنرويج والدانمارك تدفع ضريبة كل عامين.
- الدانمارك والنرويج والسويد تدفع ضرائب أخرى في شكل أسلحة وحبال وصواري ورماح وذخيرة البارود ورصاص وحديد تقدر قيمتها بمبلغ 25 ألف فرنك. لكل دولة.
- إسبانيا وفرنسا وإنجلترا وهونوفر والطوسكانة ورافوس والبندقية تدفع هدايا دورية للدايات والباشاوات وأعضاء الديوان عند إبرام المعاهدات أو تعيين القناصل لها بالجزائر.
- هامبورغ وبريم تدفعان أدوات الحرب والتموينات البحرية.
- النمسا وروسيا لا تدفعان الضرائب ولكن تدفعان أموالا طائلة لقاء أسراهما الكثرين بالجزائر.
أما ليون قالبيير فقد أورد بشيء من التفصيل ما تدفعه دول أوروبا للجزائر، وذلك على النحو التالي:
- مملكة الصقليتين تدغع مبلغ 44 ألف بياستر سنويا منها 24 ألف نقدا و الباقي في شكل بضائع.
- مملكة سردينيا تدفع مبلغا كبيرا من المال كلما جددت قنصلها بالجزائر.
- مملكة طوسكانة تدفع 28 ألف بياستر كلما قدم لها قنصل إلى الجزائر.
- البرتغال تدفع نفس ما تدفعه الصقليتين( 44 ألف) بياستر.
- إسبانيا تدفع مبالغ مالية كلما جددت قنصلها.
- النمسا تدفع هدايا دورية غير مباشرة وعن طريق الدولة العثمانية.
- إنجلترا تدفع 600 جنيه إسترليني كلما جددت قنصلها.
- هولندا تدفع 600 جنيه أسترليني.
- أمريكا تدفع نفس مبلغ إنجلترا (600 جنيه).
- هانوفر و بريم الألمانيتان مبالغ مالية كبيرة كلما جددت قناصلها.
- السويد - الدانمارك : تدفعان مبالغ مالية كبيرة سنوية في شكل مواد حربية قيمتها 400 بياستر.
هناك دول أخرى تدفع كل عشر سنوات أو عند تجديد المعاهدات 10 آلاف بياستر وتقدم هدايا عندما يتسلم قناصلها مناصبهم. وقد اعتادت الدول الأوروبية على دفع هذه الإلتزامات والوفاء بها في الظروف التي تكون فيها ضعيفة وغير قادرة على المواجهة. أما عند القوة فإنها تنكث العهود، وتعلن العصيان والتمرد، وتعهد لتنظيم الحملات العسكرية والغارات والهجومات الغادرة منفردة أحيانا، ومشتركة أحيانا أخرى في شكل أحلاف.وقائمة الحملات العسكرية الأوروبية ضد الجزائر طويلة وعريضة كما سبق أن تعرضنا إليها. ومصدر قوة الجزائر في العصر الحديث يرجع إلى وعيها الكامل بالأخطار الأوروبية المحدقة بها، واهتمامها الكبير بإعداد نفسها لمواجهتها سياسيا وعسكريا واقتصاديا. وفعالية موقعها الجغرافي الإستراتيجي الذي يتحكم في معظم الحوض الغربي للمتوسط، واهتمامها ببناء قوة عسكرية بحرية رادعة تتمثل في الأسطول البحري الهام الذي مكنها من القيام بدور موجه في الأحداث العالمية في الحوض الغربي للبحر المتوسط. وقد برز في العصر الحديث بحارة جزائريون كبار ذاع صيتهم : أمثال صالح رايس والعلج علي، الرايس حميدو، الرايس عمر، الرايس محمد، الرايس مصطفي والرايس علي بتشيني واشتهر الاسطول الجزائري بعدة سفن ومراكب حربية ذات شهرة مثل : ديك الحصن - والنجم الأخضر والخط السعيد والظافر ونصر الإسلام والثريا وحامي الديوان وطريق الخلاص وهول البحر والغزالة ومفتاح الجهاد والإسكندر البار. يالإضافة إلى القوة البحرية، اشتهرت الجزائر بامكانات إقتصادية متنوعة، كانت أوروبا دوما بحاجة إليها وتستوردها منها مثل : الأصواف، الجلود، العسل، الشمع، الحبوب، وكل أنواع الفاكهة والخضر. وقد صدرت الجزائر عام 1788 م وحدها من موانئ الجزائر ودلس وعنابة وأرزيو 150 ألف حمولة قمح يقدر مجموعها بالمائة ألف قنطار.