ليبيا تقف عند مفترق التغير السياسي .. بناء دولة المواطنة والديمقراطية
بتأكيد ثورة الشعب كانت تطالب بالتغيرات والإصلاحات الشاملة في البلاد من أمد طويل، ولم تكن الثورة سابق من نوعها في المنطقة العربية بل كانت امتدادا لثورات الشعوب العربية المحيطة بها والبعيدة منها وكانت أيضا متأثرة بانبلاج قدرات الشعوب العربية بمطالبة التغير السلمي من واقع الشعوب العربية التي تطالب حكامها بالتغير من غير إراقة انهار من الدماء.
لكن كما رائنا وعاصرنا حال الدولة الليبية انقلب رأسا على عقب عندما تغير النظام السابق فلم تتجه النخب السياسية في ليبيا الى بناء دولة المواطنة والديمقراطية واعتماد الدستور الليبي.
دستور الدولة الليبية كان من المفروض يحدد وجهة وملامح النظام السياسي الجديد، لتستطيع القوى السياسية من أفاء بتطلعات الشعب الليبي لتحقيق أمانيهم بعد الثورة الشعبية، بل ازداد الحال في ليبيا شؤما من الفساد والسرقة والدمار والإقصاء والتشريد والتهميش والاغتيالات.
رغم إدراكنا الكامل إن إجراءات التغير السياسي تستحق قرارات سيادية من الأطراف السياسية المتنازعة لتفي بغرض التحول في محاولة لاستيعاب مطالب المجتمع الليبي من استقرار وأمان.
غياب النظام السياسي الدستوري يعرقل عملية صنع القرارات الصحيحة، كما أن مرحلة التغير السياسي تتطلب وجود نخبة سياسية وطنية صادقة تؤثر في عملية صنع القرار السليم، ولهذا نجد فجوة هائلة بين النخب السياسية والشعب الليبي، خاصة وأن الأحزاب السياسية الليبية والمؤسسات المدنية غير معترف بها رسميا في دستور الوطن الليبي لكنها تعمل بشكل انفرادي خارج الإطار القانوني المسموح به دستوريا.
إن دولة القانون تعمل على رفاهية المجتمع الليبي وتعمل على منع التشرذم والانقسام والإقصاء والتهميش ليصبح طبيعة المجتمع الليبي متعايش بالكامل مع دولة المواطنة.
ليبيا تمر بمرحلة حتمية الحدوث والانتقال من أنظمة كانت عليها في الماضي من ملكية دستورية و جمهورية وجماهيرية الى نظام جديد يختلف باختلاف الزمن الذين نحن اليوم نعيشه في لحظات التحول الجذري من ثورة الى دولة المؤسسات الديمقراطية.
مرحلة جديدة بأفكار جديدة ومعطيات ليس متأثرة بنخب أيدلوجية ولا نخب جهوية ولا تيارات إسلامية سياسية ولا لبرالية بل متأثرة بمطالب الشعب التي تدعوا الى الإصلاحات الاقتصادية في قوتهم اليومي.
مطالب تدعوا الى العودة بالكامل الى أصالت المجتمع الليبي العريق في بناء ثقافة ديمقراطية وطنية تشترك فيها النخب السياسية برامجها التي تخدم الصالح العام.
إصلاح شؤون مجتمعنا الليبي بداء بتغير النظام السابق ولتزال المسؤولية الأولى والأخيرة على الشعب الليبي عند
لانتخابات القادمة واختيار أفراد في المجالس التشريعية والرئاسية لرعاية مصالحهم بالكامل وحفظ أمنهم وهويتهم وقيمهم الوطنية الليبية.
كسر حاجز الخوف قد بداء مع الثورة، ذالك السلوك الرفيع الذي يهدف الى الانتقال من الثورة الشعبية الى المشاركة الشعبية في الحياة السياسية في دولة القانون عبر الانتخابات القامة، لكون الباطل كان زهوق وان مهما بلغ الحاكم الطاغية من قوة البطش فأن إرادة الشعب دائما اقوي أما بالثورة أو بالانتخابات السلمية في أجواء الأمن والأمان والابتعاد من ثورة تصحيحية قد تكلف الدولة الليبية المزيد من الدماء.
الانتخابات القادمة يجب أن تكون بدون تزيف ولا تضليل ولا إجحاف في حقوق الآخرين السياسية التي تقودنا الى ما هو المقصود بالدولة الديمقراطية فيختار الشعب بإرادة الكاملة والمشروعة النخب السياسية الليبية القادرة على مواجهة التحدي.
تحدي لتوحيد الدولة الليبية تحت مضلة واحدة وجمع الأجسام السياسية المتفرقة والمتعددة التي لم تساعد ليبيا حتى الآن اجتياز مرحلة الانتقال والعبور بالثورة الى الدولة المتماسكة البنيان.
المرجعية الدستورية هي التي تحقق الضمانات على أساس الحقوق والواجبات لكل فرد من أفراد الدولة الليبية وهي كفيلة بتحقيق المواطنة الليبية التي نحن الآن عند مفترق التغير السياسي من ثقافة كانت ليبيا عليها في الماضي الى الثقافة السياسية الديمقراطية جديدة.
نظام سياسي يعمل على ربط فروع المؤسسات والمنظمات الليبية المختلفة، في ما يحتاج المواطن الليبي الى وعي لحقوقه وواجباته السياسية الذي يقدمه له النظام السياسي الجديد الضوابط الاجتماعية الليبية مع السماح له بالمشاركة السياسية للتضامن والتعايش السلمي الهادفة الى المحافظة على النسيج الاجتماعي.
الأمة الليبية الآمنة والمتماسكة هي التي تكون قادة على التفاعل مع قضاياها بشكل تلقائي وهذا لا يكون إلا بوجود المؤسسات الديمقراطية والهيئات الحكومية المتوحدة والمستقرة والمجتمعات الإنسانية التي تنتج النخب السياسية القادرة على خوض طبيعة العمل الوطني المتمثلة في طبقات المجتمع الليبي.
دمقرطة الدولة الليبية هو نتاج الصراعات القائمة اليوم، والتي نتجت لضرورة التغير الى بناء دولة المواطنة كي يعبر الشعب بكاملة عن أماله وطموحاته فلا تخطف الثورة منه من قبل دهاقنة السياسية الذين خبروا خداع الأمة الليبية والتواطؤ مع القوى التي تحقق لهم غايات ومصالح وضيعة دون مصلحة الشعب الليبي في كفاحه المشروع.
صحيح إن ثورة الشعب غيرة النظام السابق ولكن لم تغير من أساليب المفسدين والفاسدين في الحكم ووضع نظام سياسي جديد يعكس الازدواجية بين ما كان في الماضي والحاضر في الحياة السياسية الليبية الذي يسيطر عليه بإحكامه القديمة على المجتمع الليبي الحديث.
ليس ثمة خيارات كثيرة أمام المواطن الليبي لإنجاح المسار الديمقراطي، إلا من خلال المشاركة السياسية الكاملة بين الأطراف السياسية الليبية من إحقاق السلم الاجتماعي والأمن والأمان والابتعاد عن العمليات المسلحة التي تقود البلاد الى الاقتتال الداخلي وتبديد الثروات ونسف ما تبقى من تغيرات وتحولات أما خيارات الانتقال السلمي على أساس ديمقراطية الدولة الليبية.
ربما الانتخابات القادمة التي تقوم على أساس حداثة السجلات الانتخابية للناخبين خطوة جوهرية في إطار المشاركة السياسية وتوزيع الأدوار السياسية بين التيار المدني والتيار الوطني، تيارات سياسية متصارعة على السلطة للخروج بليبيا من رحم النزاعات بين العدالة والبناء الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين وحزب القوى الوطنية اللبرالية.
المرحلة الانتقالية القادمة هي مرحلة إنهاء الصراعات السياسية والعسكرية المسلحة، هي متعلقة بجاهزية البلاد امنيا وسياسيا وفقا للمعطيات والاستحقاق الوطن التي تؤدي الوظائف السياسية بما تكون بالقانون في ظل مؤسسات الدولة الليبية.
منظمات تحتل مكانها في الوسط السياسي لتكون سوية الأشكال للقيادة في البناء الاجتماعي الديمقراطي وهذه تكمن في تجمهر المواطنة الليبية في النشء والشباب والإلمام بالمعترك السياسي في القيم والمهارات الأساسية والخروج بالبلاد من الأزمة وقيادتها الى المرحلة القاتمة في ليبيا.
بقلم الأستاذ رمزي مفراكس