لقد كتب عن البربر مؤلفون كثيرون من عرب وإغريق ورومان، وكلهم أثنى على البربر
وأعجب بهم. وممن عاشرهم، وسبر أغوارهم، وعرف كل المعرفة تاريخهم، وعاش في
دولهم، وشاهد أمجادهم العلامة ابن خلدون. فإليك جزءا صغيرا من شهادته لهم،
وثنائه عليهم، ليكون نصوصا وحجة لما وصفت به البربر في هذا الباب.
فال العلامة ابن خلدون: «وأما تخلق لبربر بالفضائل الإنسانية، وتنافسهم في الخلايا
الحمية، وما جبلوا عليه من الخلق الكريم، مرقاة الشرق والرفعة بين الأمم،وسبب المدح
والثناء من الخلق، من عز الجوار، وحماية النزيل، ورعي الذمم، والوفاء بالقول والعهد ! والصبر
على المكارم، والثبات في الشدائد، وحسن الملكة، والأعضاء عن العيوب، والتحافي عن
الانتقام، ورحمة المسكين، وبر لكبير، وتوقير أهل العلم، وحمل الكل، وكسب المعدوم،
وقرى الضيف، والإعانة على النوائب، وعلو الهمة، واباية الضيم،ومشاقة الدول، ومقرعة
الخطوب، وغلاب الملوك، وبيع النفوس لله في نصر دينه، فلهم في ذلك آثار نقلها الخلف
عن السلف، لو كانت مسطورة لحفظ منها ما يكون أسوة لمتبعيه من الأمم. وحسبك
ما اكتسبوه من حميدها، واتصفوا به من شريفها، ان قادتهم إلى مراقى العز، وأوفت
بهم على ثنايا الملك، حتى علت على الأيدي أيديهم، ومضت في الخلق بالقبض والبسط
أحكامهم الخ..