والبربر ذوو شجاعة خارقة، وبطولة نادرة، فهم أهل الثبات في الحروب، والأقدام في
المعارك الهوجاء، يطربهم صليل السيوف في الجماجم، وحمحمة الخيول في الجلاد، لا
يهابون العدو، ولا يخافون الحروب. ولهم اعتناء بأعمال الفروسية، وفنون الخرب، وطرف
الجلاد. يعلمونها لشبابهم، ويغذونه في نفوسهم بمختلف الألعاب، كإجراء الخيل، والجري،
والوثب، وغير ذلك مما يقوي لنفس، ويحفظ عليها الأخلاق الحربية، وعادات الفروسية.
والبربر فرسان مغاوير. لهم غرام واعتناء بركوب الخيل. ولهم خيل يربونها تربية
خاصة. ويدربونها . وكانوا يركبونها خاسرة بدون سرج ولا لجام. وكانوا يصرفونها
ويوجهونها بقضيب يمسكه الفارس بيده فيلامس بيده الفرس فتتجه إلى لناحية التي
يريد، انها خيل وصفها البكري وبعض المؤرخين فقالوا: انها قصيرة ولكنها سباقة في
الجري، خفيفة، صلبة، تقوم بفارسها في الحروب.
وكان أهل نوميديا مشهورين بالفروسية. وكان فرسان البونيقيين في حروبهم
من نوميديا. وكان فرسان حنبعل في حروبه بايطاليا من البربر والنوميديين. كما كان
فرسان سبيون الإفريقي الذين انتصر بهم على حنبعل من نوميديا. ولما جاء الإسلام وجد
المسلمون في البربر الفرسان الأبطال، والجند لشجعان ففتحوا بهم الأندلس. وجلبوا
منهم مئات من الشباب إلى المشرق فسدوا بهم الثغور المهمة سيما ما يستلزم الجلد
والقوة والثبات