متأخرة جداً في تحديث المدونة اعلم ذلك، لم أكتب منذ زمن ليس لانعدام الرغبة ولكن لشعوري العارم بأنه لا جدوى من الكتابة خصوصاً وأن أغلب ما أكتبه أحتفظ به لنفسي لأنانيتي. كل ما أكتبه على ركاكته عزيز علي كطفلي المدلل، لا أحب مشاركة أحد به وأخاف عليه من أعين البشر وتعليقات من لا صبر لديه ليفهم. أعي جدا بأن كلامي يلوحه الغرور ولا أهتم لرأي الناس في الأمر برمته. أحب الكتابة ولا يدفعني لها سوى ذلك الحب الذي لم أستطع التعافي منه. يعذبني إحساسي الدائم بإهمالي للكتابة، فكل ورقة وقلم وكتاب يعبر طريقي يذكرني بإهمالي لشيء عزيز علي ويمثل جزء مهم من كياني مهما أنكرته وتملصت منه.
لا أعتقد بأنني أجيد الكتابة ولكنني أحبها، أحب الكلمات وأحب معانيها وأحب التعبير عن ذاتي باستخدام السهل الممتنع منها. أحب أن أجد طريقة سهلة للتعبير عن كل شعور وفكرة أعيشها...ولولا تشجيع بعض المتابعين الأوفياء لما فكرت بنشر أي شيء أكتبه.
في الكتابة لذة لا أجدها في غيرها من الأمور، ولكن في نشر ما أكتب شعور عظيم بالتحرر. أرغب بأن أكتب أكثر بتلقائية أكبر، لا أريد أن أقلق بشأن جودة كلامي، أريد فقط التحرر من أفكاري.
أين كنت؟
غبت مدة تقارب الستة أشهر عن التواصل الاجتماعي بكل أشكاله، استخدامي لكل التطبيقات كان شبه معدوم. خلال تلك المدة قمت بصب أغلب وقتي في الاهتمام بصحتي وإعادة ترتيب ملفاتي النفسية. تغيرت كثيرا ولم أتغير في نفس الوقت، تركت الكثير من الصداقات المتهالكة التي لم تفدني بشيء سوى الإحساس بالذنب وشعور عارم بالثقل لا داعي له، وأعدت تعريف مفاهيمي للصداقة والعلاقات، اكتشفت فعلياً بأن الصحة النفسية والجسدية يجب أن تأتي أولاً ومن بعدها كل شيء سيترتب على مهله. تركت وظيفتي السابقة التي كانت سبب كبير في شعوري القاتل باللا جدوى وحالة من الأرق لازلت أصارع في محاولات ترويضها. انتهيت من فترة علاج طبيعي مؤلمة جداً غيرت من أولياتي الحياتية وطبيعتي الغضة وأكدت لي بأنني فعلاً لا أحتاج أي شخص في حياتي لأن المعاناة تجربة فردية بحتة لابد من خوضها بوحدة تامة.
بدأت بممارسة التأمل والصمت أكثر، قرأت كثيراً وحضرت ندوات في مواضيع تهمني، وأعدت التعرف على ذاتي من نقطة البداية. عرفت من يحبني لذاتي فعلاً ومن يرافقني لأغراضه الشخصية، وتعلمت أن البشر محطات في حياة الإنسان وبأن جذور الفرد تنبع من ذاته فقط وبأن الحزن على البشر عقيم جداً. أحببت كثيراً وبكيت بصدق وضحكت من أعماق قلبي، وتسامحت مع ذاتي بكل دفء.
بدأت عامي الجديد بحماس مختلف، ووظيفة جديدة وتحدي بأن أكون الأفضل في كل ما أعمله، وعلى الرغم من أنني أصارع زكام استنزف طاقتي أجدني متفائلة بأن القادم أفضل. ماذا عنكم؟