خصخصة الكهرباء من المستفيد ومن المتضرر ؟...
رحيم الخالدي
يقول نجل الشاه محمد رضا بهلوي، في أحدى المقابلات التي أُجريت معه وهو في المنفى، كانت غلطتنا الكبيرة أننا لم نستعمل الكهرباء، بالضغط على الشعب الإيراني، ولو طبقناها لكانت النتائج تختلف عما كانت عليه الآن، ويبدوا أن هذه الجملة لها تأثيراتها الكبيرة، حسب تفسيرات علماء النفس، لكن هل يقصد كما يتم تطبيقها في العراق؟ أم أنها تختلف نظراً لما تعانيه الطاقة في العراق من نقص حاد، مع قِدَمْ المنظومة والتخريب الذي طالها، قياساً مع الأجهزة المنزلية الحالية، إضافة لذلك أن الوزراء المتعاقبين عليها، لم يكونوا بقدر المسؤولية! ولم يكونوا إختصاص أصلاً، إبتداً من وفيق السامرائي وإنتهاء بالحالي .
جَرَّبَتْ كثير من الدول المتحضرة، أن تطرح أي مشروع للإستثمار، لعدم قدرتها بإدارته أو التخلص من العبء عن كاهلها، وتكون بذلك ربحت مرحلتين، أنها لم تخسر شيء ويأتيها قسم من العائد المالي، وبعد مرور فترة من العقد المتفق عليه، تعود العائدية للمعامل المنتجة للطاقة للدولة من غير تعب، وبهذا بنت الإمارات العربية دولتها، مع وجود العائد النفطي، وأصبحت من مصاف الدول المتقدمة، وبالطبع البناء جاء من غير فساد، ولو كان الفساد كما لدينا لإنتهى كل هذا بضرف سنين تعد بالأصابع، ولمعرفة ذلك أكثر أن من قام بهذه الخطوة هم عراقيون، والباججي أحد رجالها .
كهرباء العراق في النظام السابق كما هي الآن، بل أسوأ خاصة في فصل الصيف، إذ يتم نسيانها وتكاد تكون منعدمة لأيام متواصلة، سوى الفحص الذي يأتي لخمس أو عشر دقائق، لترجع الكرة كعهدها السابق، ولمعالجة ذلك وزعت الحكومة مشكورة مولدات للمناطق، لكنها لا تفي بالغرض! نظراً لغلاء السعر، ومعظم السكان يعتاشون على دنانير معدودة ومعدمين، وطوال الفترة المنصرمة لمدة سبعة عشر عام لم يتم معالجة أكبر معضلة في تاريخ الكهرباء العراقية، فقط نسمع بالإعلام أن هنالك محطة جديدة تم ربطها على الشبكة دون تحسن، والمبالغ التي صُرِفَتْ عليها، كان من المكن أن نبني محطات نووية وليست محطة واحدة، وعلى كلام الشهرستاني سنصدر الكهرباء !.
ما نشهدهُ اليوم تناحر بين الشارع والدولة حول الخصخصة، ومن المعلوم أن الذي أشارت له الحكومة ليس مشروع بناء، بقدر ما هو إستحلاب للمواطن وتجريده من أبسط الحقوق غير المتحققة، فهل هنالك كهرباء فعلا ومن شركة منتجة له، أم أن الإنتاج عراقي والجباية أجنبية! وهذا تناقض للواقع، فكيف يتم إستثمار الجباية لشركة مع العلم أن وزارة الكهرباء لديها جُباتْ أصلا، ويتم قراءة المقاييس كل شهر ويتم قطع الورقة، فلو كانت هنالك شركة مساهمة تنتج كهرباء، وعلى مدار الساعة، لتساعد في سد النقص الحاصل في المنظومة المتهالكة، التي تحتاج لإعادة النظر فيها، وإستبدال كثير من المحولات الكهربائية، التي مضى عليها أكثر من خمسة وعشرين عاما، لكان الأمر يختلف وتكون الجباية من الشركة المنتجة حق ولا إعتراض عليه .
كان من المفروض على الحكومة مراجعة كل العقود الماضية، ومنذ أول يوم في الحكم الديمقراطي، ومراجعتها مراجعة مستفيضة، من قبل شركات إختصاص، لديها التخويل الكامل بالمحاسبة، كذلك في ملاحقة كل الأموال، التي تم تهريبها من قبل السرّاق وإستعادتها، وليس ترك السرّاق والرجوع للمواطن! وبهذا تكون الدولة تنتج كهرباء تكفي العراق، وتصدّر لدول الجوار، ويمكن إعطائها للعراقيين مجانا، عند ذاك يمكن الجباية ومن قبل وزارة الكهرباء فقط، وليس من قبل مستثمر! لان كل المحطات عراقية ومن الشعب العراقي المحروم من كل شيء، فما الذي خسره المستثمر لكي تكون له نسبة من الوارد العام؟ سيما ونحن بأمس الحاجة للأموال بالوقت الحاضر، ونحن نواجه أكبر تنظيم إرهابي .
المناطق الشعبية الفقيرة، هي فقط من تعاني من نقص الطاقة، أما المنطقة الخضراء المحصنة، فتنعم بها ليلا نهاراً ولا يشملها القطع المبرمج، ناهيك عن كثير من المناطق لديها تصريح! بالربط على الخط الفائق القدرة أيضا هي ليست مشمولة، وثلاث محافظات أيضاً لم تدفع فلساً واحداً، من سقوط النظام السابق ولحد يومنا هذا! وهذه سياسة الكيل بمكيالين، وبالأخير وليس آخراً المقصود بالجباية فقط مناطق بغداد والفرات والجنوب، لأنها تمتلك الثروات، لكنها أكثر المحافظات معانات من كل شيء! فهل ستنتبه الحكومة لذلك، أم أن هنالك كواليس هي من تأمر وتنهي، وما على الجهات الأمنية إلا التنفيذ، أذكركم بصقر بغداد، وكيف هو التعامل مع المواطنين بإجباره على الدفع، وأين هي صقر بغداد وأين إنتهى ملفها ؟ .