المجتمع الذي نعيش به ونتعايش معه .. كمسرح أوبرا واسع، آلات كثيرة ومتنوعة -هي نحن- تعزف سويا في تناسق، لا تتأثر إحداهم بنغم الأخرى ، كل آلة تعلم متى موعد مشاركتها في العزف ومتى تتوقف لتسمح لزملائها الانضمام .. ثم جميهم في صوت واحد يختموا الحفل . ولأن لي خبرة قديمة في اللعب على آلة (البيانو) سأقدر ان أُفِدك لاحقا، في ان هناك مفاتيح أساسية تدير اللحن وتمكنك من التحكم بالإيقاع، وأن اليد اليسرى لها فائدة كبيرة في التلحين بالرغم انها ليست أساسية ويمكن الاستغناء عنها...
الن تسل نفسك : ماذا تمثل تلك الأوتار وما هدفها ؟!
ليس شرط ان تملك جميع الصفات المميزة حتى تقدر ان تقدم مساعدة او تُسعد شخص او تجبر خاطر.
أبسط آلة من ثلاث أوتار ... كافية لخلق لحن سلس و جذاب.. المهارة والصعوبة لا تكمن في عدد أوتار تلك الآلة بل في ترتيب دقك على تلك الأوتار وحِسّك في صناعة اللحن الذي يعبر عنك وعما تريد توصيله ؛ كذلك الاستخدام الأنسب للآلة الموسيقية ومعرفتها يمثل ترابطك بشخصيتك ومعرفة ما انت خلقت لأجله وما مهمتك في الحياة.
بغض النظر عن الآلة الموسيقية التي تمثلها.. فلابد ان تكون لديك مفاتيح (أوتار) تدق عليها لتسمع نغمة صادرة عن كل منها .. دقة على مفتاح واحد لن تُفيدك الا اذا جربت باقي المفاتيح سويا (في ترتيب)... ولأنك أعظم آلة موسيقية تعزف لحناً فريدا من نوعه.. لحنٌ بشريّ. فمفاتيحك ليست قليلة.. وليس من السهل اللعب عليها . تلك المفاتيح ليست بعيدة عن ال (دو ، ري ، مي... الخ) ، بل تحمل نفس الفكرة وحتى نفس الإيقاع.
لكن لابد وان يكون هناك مفاتيح أساسية تلعب عليها وتدير بها الإيقاع ، ومفاتيح أخرى تحسن بها اللحن وتزيده طربا اذا اتسعت لك الخبرة. وحتى تعتاد على استخدام تلك الآلة لتتحلى بالخبرة يجب ان تكن بدراية بالمفاتيح الأساسية لتلك التحفة الموسيقية !
و مفاتيحك الأساسية يمكنك ان تحددها بنفسك حسب غايتك : ففي بعض الأمور لا يمكن ان تحل من دون (الصبر ، الملاحظة ، المعرفة) ، وأخرى ب(الصرامة ، الثقة ، التفاؤل) ، وغيرها عن طريق ( التواضع ، القوة ، الرؤية) . ويمكنك استخدامهم جميعا ، لكن بنِسَب و تحكم ؛ بعد ذلك وان بارعت في العزف، يمكنك استعمال اليد اليسرى، اي تجمّل بها ايقاعك و تبدع في تزيينه.
وحينها يمكنك اعتبار نفسك عازف احترافي لأعظم آلة موسيقية.. وسيستمع العالم على مر العقود لما عزفته يوما.. باعتبارك موسيقار استطاع ان يقدم أعظم لحن عرفه تاريخ الموسيقى...
لَحنٌ بَشَريّ
بقلم وكيبورد/ نور الدين خالد