بعد ان ذبلت معاني كلمة "انسان" وباتت مصطلح علمي خالٍ من المشاعر ، لم يتوقف الإنسان عن حب ذاته وخالقه في اسوأ المواقف وأحلاها. ومادام (الإنسان) يتململ من الثبات ويظل ساعياً لفهم ما حوله حتى من دون ارادته، ما دام عاجزا عن فهم نفسه.. فيلجأ عادة لربط الأحداث بمصطلحات تُسهّل عليه التعامل معها وتَقبُّلها.

خصوصا عندما يهوى أمر يصعب عليه استيعابه ويرغب بمعرفته.. فأول ما يتجه له: أن يطلق مصطلحات سريعة التذكر و مميزة بالنسبة له...

وحتى الآن لم يتخالف بنوا آدم على ارتباطهم بسحر الموسيقى باختلاف أنواعها.. فبدأوا يصنعون آلات تحمل (مفاتيح) لدرجات أصوات مختلفة جميعها تتحدث سويا في صوت واحد ومتناغم ، تعبر عنهم .. عن أسرارهم، آمالهم ، وأوجاعهم... استطاعوا ان يدركوا ان ذلك اللحن لم يكن مجرد متاعٌ للآذان ، بل دواء للروح ، وشفاء للأبدان، دون سحر أو شعوذة... لأنها جعلتهم يتعلموا كيف يتعذبوا بصوتهم عند لقاء ربهم في خشوع .

• ما دمنا جميعا متفقين على حبنا للموسيقى ولو لم نكن على وعي او اعتراف بذلك، ومتفاوتين على حبنا لأنفسنا . اذن يمكنني ان اسلم باننا جميعا عبارة عن آلات موسيقية ، بأنواعها.. الشرقية والغربية ، الهادئة ، والصاخبة ، الناعمة والحادة...

وكل فرد له أوتاره ذات الأصوات العذبة، والمنفردة .. ودوره أن يلعب على تلك الأوتار بانتظام وثقة ودراية بما يفعله .. لأنه في النهاية سيطلق نغم وألحان إما ان تكون عذبة ومتناغمة وذات معنى.. او متداخلة ومزعجة وغير مفهومة ، وبالتالي قد تسوء سمعة تلك الألة الموسيقية الساحرة على يده ، وبيَده... يمكنه جعل من تلك الآلة الخشنة والعتيقة طرب فريدا من نوعه !

ولأن للموسيقى الصاخبة مستمعيها ونُقّادها.. كذلك ليس شرطا ان يكون اللحن الذي تعزفه مرغوبا لدى الجميع، لكن مازال بإمكانك جعل من ذلك اللحن مقام عالٍ يحترمه الكل ! لكن قبل ان نتعرف ذلك ... هل اكتشفت ما الآلة الموسيقية التي انت عليها؟!

بقلم وكيبورد/ نور الدين خالد