لا يمكن فهم سياقات ما يجري في ليبيا، خاصة في المنطقة الشرقية من تطورات سياسية عسكرية، وأخيراً من تطورات وزراء كل من مصر والجزائر وتونس من دعم للاتفاق السياسي الليبي باعتباره إطارا للحل السياسي في ليبيا.
دون ما أن نعرف بدقة ما يُحاك في الخفاء والعلن لإجراء تغييرات جذرية وشاملة في بنية دولة ليبيا السياسية منها والعسكرية، كلها تنصب في ما تبقى من تنفيذ " خطة العمل من أجل ليبيا" وعلى دور مبعوث الأمم المتحدة لدى ليبيا السيد غسان سلامة المركزي في إتمام الاستقرار السياسي الليبي.
إخراج ليبيا من الصراعات السياسية وحتى العسكرية بالكامل هي من صناعة تاريخ جديد يجعل من ليبيا بوابة ومنفذ أفريقيا العريض، التي تقع فيها المسؤولية السياسية والقانونية على منظمة الأمم المتحدة باعتبارها الراعي للحوار السياسي الليبي والمعنية بمتابعة تنفيذ بنود وتطبيق مخرجات الاتفاق السياسي الليبي.
ليبيا لم يكون لها في يوم من الأيام غرائب الصدف من تصدر المشهد السياسي والعسكري في العالم العربي والعالم الغربي في الماضي ولا حتى في هذه الفترة الحرجة في صراعها السياسي والعسكري الحالي.
لن ليبيا كانت ولتزل الدولة الهامة التي يصنع ويطبخ لها المكائد بأيد ماهرة لتحولها من دولة شبه مستقره الى دولة منقسمة على نفسها سياسيا وعسكريا وحتى اجتماعيا.
أجماعات خارج الدولة الليبية تستعرض فيها الدول المجاورة الجهود الساعية الى حلحلة الأزمة الليبية السياسية والعسكرية هي من مستجدات الوضع الراهن وأفاق مستقبلية للحول المستعصية التي من المحتمل قد لا ترضي بعض الأطراف السياسية المتنازعة.
اليوم وما نره مسبب الخلافات العالقة تقع على ثنائية المصلحة العامة والسلطة الليبية لتوزيع الأدوار السياسية والعسكرية الهامة، ادوار إستراتيجية بين الجميع لخلق مؤسسة عسكرية لها طابع ضمان حقوق الشعب الليبي في أمنه واستقراره و في المحافظة على ما تبقى من ثروات الدولة الليبية المالية والاقتصادية.
ليبيا قد تتكون من كتلتي السلطات التنفيذية والتشريعية دون وجود تفعيلا كاملا للسلطة القضائية الليبية مع غياب دستور ليبيا الدائم الذي يعمل على التوازن السلطات السيادية السياسي ومنح ليبيا السلطة العسكرية التي تحمي الدولة الليبية بكاملها عند توحد التراب الليبي سياسيا.
ضل مشروع الاتفاق السياسي الليبي الموقع بتاريخ 17 ديسمبر عام 2015 يعمل على تعزيز قدرات المنطقة الغربية ومتناسي إرادة المنطقة الشرقية التي اختزلت في حكومة الوفاق الوطني وفي المجلس الرئيسي ومجلس الدولة.
دون أن تعطى الأهمية الى الحكومة المؤقتة المنبثة من المجلس النواب في مدينة طبرق شرقي ليبيا التي تعمل على تقديم جميع الخدمات العامة مع وجود الثقل الحيوي للقوات المسلحة العربية الليبية على ارض الواقع.
معرفة هذه السياقات وانسياقها الوطني تعتبر من أساسيات الحوار السياسي الليبي، وهى التي تمكن من قراءة ما يدور في المنطقة الشرقية من تحولات متسارعة تلاحق بعضها البعض من اختيار محمد عبد السلام الشكري بمنصب المحافظ الجديد لمصرف ليبيا المركزي بدلا من الصديق الكبير في طرابلس وعلي حبري في فرع مصرف البيضاء.
تعمل المنطقة الغربية بالتمسك بالقيمة القانونية لقرار مجلس النواب بشأن عزل منصب الصديق الكبير المنصوص عليه في الاتفاق السياسي المادة 15 الذي يعرض عملية استشارية المجلس الأعلى للدولة وعدم أحادية القرار التشريعي من جانب المجلس النواب في طبرق الذي يزيد من الانقسامات المؤسساتية في البلاد.
الخلافات بين الغرب والشرق عند الأجسام السياسية الليبية المتوازية تعمل على غبشت الرؤية السياسية وتصارع سياسي تجعل الجميع في دوامة لا تساعد على الخروج من الأزمات الاقتصادية حتى مع تغير المناصب السيادية في النظام السياسي الليبية المتهالك.
المشكلة الحقيقية متعلقة بالأطراف السياسية المتصارعة، لان في التعامل يواجه البعض صعوبات ترجمة مشروع الاتفاق السياسي مما بفقد البعض منهم استجابات البعض الأخرى.
الجميع في ليبيا يتصارع من اجل الأدوار السيادية والمكانة الرفيعة لتتوجه الأقطاب السياسية بالسهام الى الاتجاهات الخاطئة التي لا تفيد الصالح العام الليبي في أزماته المتلاحقة التي تخلق الكثير بالعدوان وخناجر مسممة يغرسها الإخوة الأعداء في ظهور بعضهم البعض.
لم يعد الشارع الليبي والمواطن الليبي مبالي بوجود من هم في مناصب الحكم، فالقوى لمن أراد أن يصلح الأوضاع التي أصبحت سلطوية جديدة غاشمة وطاغية تتحكم في القرار السيادي الليبي لتنفر به مواجهة الجماهير الليبية الغاضبة.
بقلم الأستاذ رمزي حليم مفراكس