بقلم/ ميلاد عمر المزوغي

لسنا في وارد الحديث عن 17 فبراير,ان كانت ثورة سرقت في المهد؟,ام انها لم تبدأ بعد؟ ام هي فورة؟,ام انها عملية خطط لها بإحكام بحيث لا يعي حقيقتها عامة الناس؟,بل ينظرون اليها على انها ستنقلهم الى افضل حال,ولكنها منذ البداية كشفت عن نفسها,فقتل الاسرى والعبث بجثثهم لم يترك مجالا للشك بان هؤلاء ربما من جنس التتار الذين دمروا بغداد على رؤوس ساكنيها,او من جنس الاسبان الذين دمروا طرابلس وقتلوا وهجروا اكثر من نصف سكانها, انتقالا الى مراحل السلب والنهب,ثم اعقبتها مرحلة (القبض)على الهوية وإيداعهم السجون السرية والتنكيل بهم,والخطف لأجل المال (توزيع الثروة),ومصادرة حرية الرأي والتعبير.

اعتقدنا ان الامور ربما تقف عند هذه الحدود,لكن من حررونا من ظلم الطاغوت لم يكتفوا بذلك,بل امعنوا في اذلال الشعب,فمقولة ليس بالخبز وحده يحي الانسان التي كانت تتردد على كل لسان اصبحت من الماضي,فسعر رغيف الخبز تضاعف عديد المرات وكذا السلع الغذائية الرئيسية, الطوابير على محطات توزيع الوقود والغاز والمصارف لم تنقطع يوما,صاحبه انقطاع الخدمات المختلفة بما فيها الصحية,وقد شهدت المنظمات الدولية بذلك,فهي تتصدق علينا بالسلال الغذائية,وتجلب لنا الامصال الخاصة بأمراض الأطفال والأمراض المزمنة,ان حكومة تعجز عن توفير ابسط الحاجيات الضرورية لمواطنيها والتي نعتبرها حقوقا,ليست جديرة بالبقاء.

الذين انتخبناهم السابقون(المؤتمر)واللاحقون لهم(البرلمان)ارادوا ان يحلوا خلافاتهم على حساب الناس,تساندهم في ذلك القوى الاقليمية والدولية,فكان اتفاق الصخيرات الذي هو في الحقيقة اتفاق على تقاسم ما تبقى من ثروات الشعب والعمل على رفع الحظر عن الاموال المجمدة بالخارج على هيئة مشاريع مستقبلية.ومنها رفع الحظر على السلاح لتزداد الميليشيات قوة وباسا وتحتدم الصراعات بين الخصوم,يكون وقودها ابناء الفقراء الذين لم يجدوا عملا شريفا,ففتحت لهم الميليشيات باب الالتحاق بها وبرواتب جد مجزية.

العام الفائت وعند الحديث على انتهاء صلاحية الاتفاق اعلن السيد كوبلر بان الاتفاق لمدة سنة يسري اعتبارا من توقيع البرلمان عليه,بمعنى ان المجلس الرئاسي وحكومته ومجلس الدولة غير شرعيين أي مغتصبين للسلطة,وبالتالي ما نتج عن هذه الاجسام يعتبر باطلا.

ان الوضع المتردي بالبلد الذي يطال كافة مناحي الحياة,يشير بأصابع الاتهام الى اولئك الحقراء الموقعين على اتفاق الصخيرات وخاصة المنتخبون شعبيا واعني بهم اعضاء لجان الحوار عن البرلمان والمؤتمر الذين يعملون لحساب انفسهم وينفذون اجندات خارجية ,وبعد ان تحقق لهم ما ارادوا,اعلن نائب رئيس البرلمان (شعيب)رئيس لجنة الحوار الذي وقع على الاتفاق استقالته من مجلس النواب لظروف خاصة,وكلنا نعلم انه لم يعد يحظر جلسات المجلس منذ التوقيع على الاتفاق,فلا غرابة في ذلك,فلقد اظهر عمالته للمجلس الرئاسي الذي لم ينل ثقة البرلمان بوجوده حارسا شخصيا لرئيس المجلس الرئاسي في زيارته لروسيا,كما اقدم نائب اخر (ابوشاقور)على تقديم استقالته في فترة سابقة,بعد ان حضر بعض الجلسات لـ(تثبيت)راتبه ثم اعلن عن المقاطعة.

كما لا تفوتنا الاشارة الى (الرعاة)القوى الغربية والإقليمية التي كشفت عن مدى نذالتها من خلال تعمدها التدخل السافر بالبلد,وجلب آلاف المرتزقة التكفيريين من جنسيات مختلفة وتدمير مقدراته وقتل وتهجير ابنائه,والوقوف متفرجة على ما يحدث,بل احسبها تتلذذ بمآسي الشعب.من خلال مطالبتها بان الاتفاق السياسي هو الاساس لحل الازمة الليبية والتمديد لأجسامه النتنه.

يؤسفنا ان نسمع رئيس البعثة الاممية سلامة عندما يقول بان هناك من يريد تقويض الاتفاق السياسي,ونقول له بان القوى الغربية والإقليمية وعلى مدى عامين دعمت وبشدة المجلس الرئاسي وحكومته ومجلس الدولة,وفرشت لهم البسط الحمراء,وعمدت الى اذلال اعضاء  مجلس النواب والعمل على بث الفرقة بين اعضائه بالترغيب والترهيب,وسحب السلطة التشريعية منه,فمنذ وصول رئيس المجلس الرئاسي على الفرقاطة الى العاصمة والأمور تسير نحو الاسوأ.

اننا نجزم بان البعثة والأممية والقوى الاقليمية والدولية,لم تكن جادة في حل الازمة الليبية,بل تدفع بعملائها الى تولي زمام الامور في البلد والى مزيد من الدمار.

نقر بحجم المؤامرة وصعوبة التحرك,فالسلطات بالعاصمة تخشى كلمة الحق, انها لا ترغب في سماع كلمتان يكاد الجميع متفق عليهما,وهما جيش وشرطة,ويتم بناءهما على اسس وطنية وليست فكرية او جهوية.لكن تلك الكلمتان يبدو انهما ثقيلتان على اسماع السلطة

لقد بلغ السيل الزبى والحديث عن انتخابات تشريعية ورئاسية في ظل تغول الميليشيات لن تزيد الامور الا تعقيدا. ربما يقول الشعب كلمته,فينتفض يوما ونتمنى ان يكون ذلك قريبا.