الطمأنينة ليست محمودة دائماً فالطمأنينة إلى الشيء ناتج عن الركون إليه والراحة بهِ والرضا بهِ عن أي شيء آخر.

وجاء ذكر الطمأنينة في القرآن في عدة مواضع بعضها جاء محمودا والآخر جاء مذموماً.

فالمتأمِّل في قولهِ تعالى: " إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بِهَا وَالَّذِينَ هم عن ءاياتنا مُعرِضون " جاءت الطمأنينة في هذه الآية في موضعِ الذم.

وفي قولهِ تعالى: "وَالَّذِينَ ءامنوا وتطمئنُّ قلوبهم بذكرِ الله ألا بِذكرِ الله تطمئنُ القلوب" فهذا موضعٌ محمود وهو ذكر المؤمن لله.

وفي قوله تعالى في سورة البقرة على لسان إبراهيم عَلَيْهِ السلام : "ربي أرني كيفَ تحيي الموتى قَالَ أولَم تؤمن. قَالَ بلى ولكن ليطمئنّ قلبي. قال فخذ أربعةً من الطيرِ فصرْهُنّ إليك ثمّ اجعل على كل جبلٍ منهن جزءً ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أنّ الله عزيزٌ حكيم".  فهل هذا الموضعُ خاصٌ بسيدنا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السلام خليل الله؛ وهل عتبَ عَلَيْهِ الله سبحانهُ وتعالى ذلك أم لا؟ يبقى هذا السؤال مجهول الإجابة التي تختفي في طيات الصِّلة النوعية والخاصة التي كانت بين نبينا إبراهيم وبين ربه جل في علاه. 

وفي موضعٍ آخر تجيء الطمأنينة في موضعٍ آخر في وصفِ خروج روح المؤمن ذو النفسِ المطمئنة: " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربِّكِ راضيةً مرضية وادخلي في عبادي وادخلي جنتي". فطمأنينة النفس المؤمن لا تكون إلا بالله سبحانه وتعالى ولا تكونُ إلى سواه أو بسواه.

وجاء في وصفِ حال المؤمنين أنهم مشفقون من عذاب ربهم ومن خشية ربهم يقول الله سبحانهُ وتعالى في وصفهم: " وَالَّذِينَ هم من عذابِ ربهم مشفقون وَالَّذِينَ هم بأيات ربهم يؤمنون وَالَّذِينَ هم بربهم لا يشركون وَالَّذِينَ يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ أنهم إلى ربهم راجعون أولئكَ يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون". وفِي الآية الأخرى :" وَالَّذِينَ هم من عذابِ ربهم مشفقون إن عذاب ربهم غيرُ مأمون". وفِي قوله تعالى في وصف حال المؤمنين في الجنة : "  إن المتقين في جناتٍ وعيون فاكهينَ بما ءاتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذابَ الجحيم... إلى أن قال تعالى: "واقبل بعضهم على بعضٍ يتساءلون*قالوا إنَّا كنّا في أهلنا مشفقين فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم". فهذه هي طبيعة قلب المؤمن بوعد الله الوَجِل من وعيدِه لا يطمئن إلا بذكرِه ودنياه ليست بذي قيمةٍ كبيرة عنده. بل هي متاع سيغادره في أي لحظة.