الجزء الأول : غرف آلات التعذيب.
كتب [ الكولونيل (ليمونسكي) ] أحد ضباط الحملة الفرنسية في إسبانيا قال [ بعدما أقتحم بفرقته من الجيش محاكم التفتيش ] : توهنا لغرف آلات التعذيب وتمزيق الأجساد البشرية , وقد امتدت كل تلك الغرف إلى مسافات كبيرة , وكانت كلها تحت الأرض, وقد رأينا بها ما يستثير النفس ويدعوها أن تتقزز ما عاشت , وآمتد بها العمر.
رأينا غرفا صغيرة بحجم الإنسان, بعضها عمودي , وبعضها أفقي , فيبقى سجين العمودية فيها على رجليه مدة سجنه حتى يقضى عليه , ويبقى سجين الأفقية ممددا حتى يموت , وتبقى الجثة في السجن الضيق حتى تبلى ويسقط اللحم عن العظم.
وقد عثرنا على عدة هياكل بشرية لا تزال في أغلالها سجينة مقيدة , أما السجناء فرجال ونساء , تتفاوت أعمارهم بين الرابعة عشرة والسبعين.
وقد تيسر لنا فكاك بعض السجناء الأحياء من أغلالهم وهم على آخر رمق من الحياة, وقد جن بعضهم خوفا وهلعا لكثرة ما لاقوا من عذاب.
وكان السجناء عرايا زيادة في النكاية بهم , وقد اضطر الجنود أن يخلعوا أرديتهم ويستروا بها النساء السجينات.
وأخذ السجناء النور تدريجيا لئلا تؤثر مفاجأة النور على أبصارهم.
وقد أخذ السجناء يبكون فرحا وأخذوا يقبلون أيدي الجنود وأرجلهم لأنهم أنقذوهم وأعادوهم إلى الحياة بعد الموت المحق والعذاب الأليم.
كتاب: مذابح وجرائم محاكم التفتيش في الأندلس – محمد علي قطب.
نقلها مبارك الدوسري.