كلما حاولنا ان نصبغ على الجيش بالمنطقة الغربية صفة الوطنية,إلا انه وللأسف وفي كل مرة يثبت لنا وبما لا يدع مجالا للشك انه جيش جهوي بامتياز,لقد سبب الجيش الكثير من الماسي لسكان بعض المناطق الغربية ومنها العجيلات وورشفانه بانسحابه الغير مدروس منها واسماه حينها انسحابا تكتيكيا,احدثت شعورا لدى العامة مخيبا للآمال.قلنا حينها ربما ينقص القوات السلاح والذخيرة,لكننا اليوم ومع انشاء قيادة المنطقة الغربية والحصول على بعض الاسلحة وتخريج دفعات جديدة من المنتسبين اليها.

المنطقة الغربية شهدت هدوءا لبعض الوقت,نراه جد كاف لان تقوم قيادة الجيش بالتخطيط لما يمكنها من السيطرة على بقية المناطق,حيث اعلنت قيادة الجيش وفي اكثر من مناسبة بأنها تسيطر على اكثر من 95% من التراب الليبي, مع ملاحظة ان العسكر الذين حاربوا داعش بصبراته وضعوا القيادة العامة في موقف محرج,حيث ذكروا بأنهم يتبعون الرئاسي ويأتمرون به.

 يبدو ان تلك الـ5 % ستأخذ وقتا يصعب من خلالها تصديق تلك التصريحات,بل يجعلنا نشكك في توجهات قياداته ومدى حرصها على استتباب الامن وبث الطمأنينة في نفوس اناس استوت عندهم الحياة والموت,فأصبحت البلد اشبه بغابة,القوي يأكل الضعيف وقد ضيّق عليه الخناق,فطال كافة مناحي الحياة بما فيها قوته اليومي.

بالأمس القريب شاهدنا رئيس حكومة المؤقتة وهو يفتتح مقر رئاسة مجلس الوزراء بالمنطقة الغربية,وذكر في كلمته بأنه لا يفصله عن العاصمة سوى 60 كيلومتر, خيّل الى البعض بان تحرير العاصمة اصبح قاب قوسين او ادنى.

الاسلام السياسي بشقيه الاخوان والمقاتلة,استبق الاحداث فعمد الى مهاجمة منطقة ورشفانه التي تمثل حاضنة شعبية للجيش,لقطع خط الوصول الى العاصمة,وطرد منتسبي اللواءين الرابع والسادس والعشرون اللذان يمثلان القوة الاكثر فاعلية وراس الحربة في تحرير العاصمة,وتناقلت الانباء باستقبال القائد العام لآمري اللواءين المذكورين.ان ما يحدث بورشفانه هو اشبه ما حدث ببني وليد قرار رقم سبعة مكرر-يبدو انه قرار يستخدم ضد المدن المارقة دونما الحاجة الى تجديده,فالذين اصدروه مدد لهم في مهامهم بل منحوا صلاحيات اكثر,ثوابا لما قاموا به من اعمال,اذ لو لم تدمر بني وليد,لانتكست الثورة والعياذ بالله.

ترى ماذا ينتظر الجيش بمختلف اصنافه القابع في اقصى الغرب الليبي؟ ان سقوط ورشفانه بيد قوات الخصم يعد ضربة قاصمة له وأصبح شبه محاصر من ثلاث جهات ومن السهولة شل قدراته ان لم نقل القضاء عليه.حديث بعض من يدعون المشيخة ببعض القبائل بالطلب الى ابنائهم (رعاياهم) بالانسحاب من القوة(الميليشيات) المهاجمة لورشفانه,مجرد ذر للرماد في العيون والظهور بمظهر المؤازر والمواسي للسكان الامنين,واعتراف صريح من قبل هؤلاء بان غالبية الشباب قد زج به في التشكيلات المسلحة,اما قاتل او مقتول.

ندرك حجم المؤامرات على البلد واستهداف قوته المتمثله في الجيش والشرطة,ولكن يبدو ان قادة الجيش لا يجيدون فن السياسة,تنازلوا عن كل شيء,سلموا للرئاسي الحقول والمواني النفطية, المنشور الصادر عن القيادة العامة بعدم تمكين الاجسام التابعة للوفاق من العمل في المنطقة الشرقية وبالأخص بنغازي مجرد حبر على ورق,اذ كيف لشخصية غير اعتبارية(وكيل وزارة داخلية الوفاق/ بنغازي)ان تتجول في شوارع المدينة بكامل عتادها؟ اللهم إلا اذا كانت القيادة العامة تريد اقتسام السلطة مع الوفاق والظهور امام العالم بأنها لا تتعاطى السياسة بل تتصرف بمهنية ليعترف بها كأحد اركان الازمة,وفي هذه الحالة تؤكد لنا بان تصرفها يعد انبطاحا استراتيجيا,يدوس على جثث المئات من ابناء المؤسسة العسكرية والقوة المساندة,لقد كشفت احداث ورشفانه عن مدى ضيق الافق لدى قيادة الجيش ورئاسة البرلمان ,ايا تكن الاختلافات  في الرأي. فيئس المصير.

ميلاد عمر المزوغي