لم أتصور في داخلي؛ أنني سوف أمر بظروف، كالتي مررت بها في الأيام الماضية، وأنا أدور بوالدتي المريضة، متنقلا بين الطبيب الذي شخص حالتها، على انها مصابة بمرض السرطان، وبين مراكز التحليل والمستشفيات.

   أرق أقض مضجعي وسهر حرمني من النوم، وأفكار أخذتني من العالم الذي أعيش فيه، الى عالم آخر مظلم وأفكار سوداوية، وحزن لايغادر القلب المفجوع بمرض والدتي، وأي مرض؛ إنه مرض لاشفاء منه، يحتاج الى قلع جزء من جسمها، ومن ثم أعطائها الجرعات الكيمياوية والعلاج الإشعاعي، هكذا كان قرار الطبيب المعالج، الذي حدد موعد العملية، واتفقنا على تكاليفها الباهضة.

    لم تكن تهمني الأموال، بقدر ما كان يهمني إنقاذ حياة والدتي، فكل ما املكه في الحياة بل ونفسي يهون من اجلها، فهي التاريخ والبيت والوطن، الذي ابذل في سبيله كل ما املك من اجل يكون سالما معافا، وهكذا قررت أن استشير طبيبا آخر لعله يكون أكثر خبرة، ويتعامل مع مرضها بطريقة أخرى، تهون علي ألم ما أنا فيه.

     فطرقت باب أحدهم، بعد أن تكفل صديق لي بتعريفي به وأخذي إليه، وشرح له تفاصيل مرض والدتي، وعرض عليه جميع التقارير الطبية والتحاليل التي قمنا بإجرائها، والتي عاينها بارتياح مبتسما!، طالبا رؤية والدتي والكشف عليها ومعاينة مرضها، وعندما أكمل بادرني بالسؤال : من أخبركم بإصابة والدتك بهكذا مرض ؟، أن والدتك سليمة وليس فيها المرض الذي ذكرتموه، وعلاجها بسيط جدا !.

     هكذا نحن؛ اخترنا أطباء لم يشخصوا مرض الوطن، وما يعانيه من مشاكل صحية كانت من الممكن أن تكون بسيطة، لو اخترنا الطبيب المناسب الذي يشخص حقيقة المرض ويضع العلاج المناسب له، فكان نصيبنا أن وضع هؤلاء الأطباء (الفاشلون) مشارطهم فيه، يقطعون في جسده دون أن يوجدوا العلاج له، ويمنحونه الحياة التي ينشدها، بل زادوا الطين بلة، بان سلبونا أموالنا ثمنا لتقطيعهم أوصال هذا الوطن.

     وليس ببعيد عنا من هو كفوء، وقادر على التشخيص الصحيح وإعطاء العلاج الناجع، الذي يداوي جروحنا ويعطينا أمل بالحياة، والخلاص من الأمراض الخبيثة التي أوهمنا الفاشلون  أننا مصابون بها، وكل ما نحتاجه أن نسير خطوات باتجاههم، ونترك الأطباء الفاشلين والسياسيين ( النص ردن ).