رن الهاتف ، صحا كالملسوع ،بحث بيده عن النظارة وقرّب الهاتف من عينيه الزائغتين ، إنها الخامسة والنصف وإنه طبيب الإسعاف :
- آسف للإزعاج دكتور، لدينا مصاب في حادث سير ، حالته مستقرة ، الأشعة والتحاليل جاهزة بانتظار الاستشارة الجراحية
- حاضر .
أشعل الضوء ،وتناول جرعة دواء السعال للمرة الثالثة في هذه الليلة ، شعر بوهن شديد وصداع . تحامل على نفسه ، أخذ يحسب كم نام منذ أمس : من الساعة الثالثة حتى الثالثة والنصف من بعد الظهر تذكر كيف هرع لإسعاف الشاب الذي قلبت سيارته أثناء تفحيطه على الشارع العام ، وتابع يتذكر ويحسب لم يستطع أن يعود إلى القيلولة المبتورة لأن وقتها ولى. وعشم نفسه بنوم أهنأ في الليل .
غسل وجهه و مشط شعره ، أخذ النظارة والهاتف والقلم ومفتاح الغرفة ، أربعة أشياء ،ذكر نفسه لكي لا ينسى منها شيئاً ، تابع يتذكر ويحسب :عند العاشرة ليلاً بينما كان ينظف أسنانه استعداداً للنوم رن الهاتف : طبيب الإسعاف وحادث آخر ،
-أسرع يا دكتور المريض هائج بشدة وأهله أكثر هيجاناً
- اطلب طبيب التخدير لينومه .تذكر كيف كانت يد المخدر سحرية، بدقيقة واحدة غط المريض في نوم عميق ، بالحقيقة عميق جداً ! زال قلق المريض ، بدأ قلق المخدر ،أما هو فقد ارتفع عنده الأدرينالين وأصبح صاحياً جداً ، كرت سلسلة أحداث الليلة في ذهنه سريعاً :الأشعة والتحاليل،طلب الاستشارات ، أيقظ طبيب الأشعة من نومه ، أيقظ طبيب الجراحة العصبية، و أيقظ على الهاتف استشاري التنسيق النائم على بعد أكثر من مائة كيلومتر ، نقل المريض إلى العناية المركزة . تركه نائما بعمق تقوم على راحته ممرضتان صاحيتان . رجع إلى غرفته حاول أن ينام، كان أذان الفجر قد اقترب موعده ، أجل نومه ، نغزه السعال مرارا وتكرارا ،شرب جرعة دواء السعال الثانية .توقف عن التذكر ، استقبله طبيب الإسعاف عند مدخل قسم الطوارئ بسيل المعلومات عن مريضه الحالي :المريض واع مائل للنوم تفوح منه رائحة كحول الضغط 120/80 النبض 76 الأكسجين 97 ودون أن يلقي بالا لبقية تقرير طبيب الإسعاف وقف أمام المريض كانت رائحة الكحول فواحة والمريض غاطاً في نوم عميق . فحصه بلطف كي لا يزعجه ، كتب خطة العلاج تركه نائماً .ومر في طريق عودته إلى الغرفة على العناية المركزة ليطمئن على مريضه الذي استهلك ليلته، كانت الأرقام على شاشات أجهزة المراقبة مطمئنة و المريض نائما بعمق !!. رفعت الممرضة الستارة عن النافذة لكي تسمح لشمس الصباح أن تعلن بداية يوم جديد .