رغم عدم صدور قرار يدين المتهم بقتل المهندسة نفين العواودة، صدر الحكم العشائري “المنشد” في 15 تشرين أول المنصرم، ما أثار العديد من التساؤلات: لماذا عقد المنشد قبل صدور قرار المحكمة؟ وهل المنشد يبطل عمل القضاء بما أنه استبق عقاب المتهم؟ وماذا لو برأت المحكمة المتهم؟
إسلام حسونة المتهم بعملية قتل العواودة، أكد لعائلته ومحاميه عند زيارته فور انتهاء التحقيق معه، عدم وجود أي علاقة له بمقتل العواودة، مشددا على براءته من التهمة التي ألصقت له، وهو ما سيكشف عنه أمام المحكمة التي من المفترض إنعقادها في 12 تشرين ثاني الجاري.
فراس كراجة محامي المتهم حسونة، أوضح لـ قدس الإخبارية أن مجريات التحقيق انتهت مع موكله، وقد أحيل للقضاء الذي سيعقد أولى جلساته الأسبوع القادم، مشيرا إلى أن الإفادة الأولية للمتهم تضمن اعترافا بارتكاب عملية القتل، إلا أنه تراجع عنها فيما بعد مؤكدا على أنها انتزعت منه بالإكراه.
وتحفظ كراجة على الحديث بتفاصيل التحقيق مع موكله، مؤكدا على أن كل تفاصيل التحقيق والاحتجاز التي تعرض لها المتهم ستقدم للقضاء بشكلها القانوني خلال جلسة المحاكمة التي سيتم مناقشة الإكراه ونوعيته التي تعرض له المتهم.
فيما بين مصدر من الأجهزة الأمنية لـ قدس الإخبارية، أن القضية بأدلتها موجودة الآن أمام المحكمة، وقد انتهى دور الأجهزة الأمنية بهذه القضية، “عندما تعرض أي قضية أمام القضاء، لا يعود للأجهزة الأمنية أي مسؤولية حول هذه القضية”.
وعن تراجع المتهم عن إفادته التي تضمنت اعترافا بارتكاب الجريمة، قال المصدر الذي تحفظ على ذكر اسمه، “المتهم مثل الجريمة ولديه أدلة وأدوات الجريمة، والآن أصبحت المسؤولية لدى المحكمة وقاضيها بتبرأته أو إدانته”، مشيرا إلى أن المتهم موقوف الآن على ذمة القضاء بعد إنتهاء الأجهزة الأمنية من تحقيقاتها.
وعن المنشد العشائري الصادر بحق المتهم، بين المحامي كراجة أنه لا يوجد أي أساس قانوني له، هو عبارة عن صلح عشائري مختلف عن القضاء المدني، “وفق الدستور، القضاء فقط هو الوحيد الذي نحتكم أمامه”، مبينا أنه كان من المنطق التروي وتأخير عقد المنشد لحين صدور قرار المحكمة.
وعن مدى تأثير المنشد على القضاء، علق كراجة، “القضاء لا يأخذ بأي إجراءات أو حكم اتخذ من قبل قاضٍ آخر غير القاضي الطبيعي.. فلن يكون له أي أثر إيجابي أو سلبي على القضاء، وسيبقى في نطاق الصلح العشائري فقط”.
وتضمن قرار المنشد الصادر عشرة بنود، وهي: 20 ألف دينار بسبب التخطيط والمراقبة، 30 ألف دينار للإصرار على تنفيذ الجريمة، 40 ألف دينار لخطفه المغدورة، 17 كيلو من الذهب الخالص (سبائك ذهبية) مقابل القتل العمد، 100 ناقة سوداء لقيام المتهم بنقل الجثة الى البيت وليس إلى المشفى.
إضافة لـ 10 آلاف و20 ناقة سوداء مقابل حملها للطابق السادس، 50 ناقة سوداء و 20 ألف دينار لإخفائه الجريمة، 60 ألف دينار و 20 ناقة سوداء مقابل إلقائه الجثة على الأرض، 30 ناقة سوداء مقابل التشهير بالصحف والإعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، و 100 ناقة بيضاء مقابل اعتراف المتهم أمام الاجهزة الأمنية.
والد المتهم حسونة قال لـ قدس الإخبارية، “ما زلنا ننتظر قرار القضاء، إلا أن إسلام أكد لنا أنه لا علاقة له بما حصل، ونحن كعائلة متأكدين من ذلك أيضا، ولكننا ننتظر قرار المحكمة”، مشيرا إلى أنه زار نجله مرتين حتى الآن، وأكد خلالهما إسلام على براءته.
وعن المنشد العشائري، بين حسونة أن العائلة سارت به وذلك حسب العادات والتقاليد في المجتمع، “نحن ننتظر براءة ابننا، وحينها سيعود لنا كل شيء”.
وأشار إلى قيمة المنشد بشكل عام بلغت مليون ونصف دينار وهو مبلغ كبير جدا لا تستطيع العائلة توفيره حتى الآن، “لبينا الكثير من القرارات التي صدرت من المنشد، ولكن المبلغ المالي والذهب لم نستطع توفيره حتى الآن”، مبينا أن عقد المنشد كلف العائلة 15 ألف دينار أردني.
وفي 24 تشرين أول المنصرم، عقدت مجموعة من الشخصيات الدينية ورجال الإصلاح مؤتمرا اتخذت فيه قرارا بإجراء بعض التعديلات والتغييرات على العديد من الأحكام في القضاء العشائري، حتى يصبح منسجماً مع الشرع الإسلامي، ومن ضمنها عدم الاحتكام إلى ما يعرف في القضاء العشائري بـ”المنشد”.
وعقد الاجتماع على خلفية المنشد الصادر بقضية قتل العواودة، معتبرين أن “المنشد، ومنهى الدم، وقضاء الفرع” هو احتكام إلى “الطاغوت” نهى عنه الإسلام، فيما قال البيان الصادر عن المؤتمر، “المنشد حرام شرعاً والدعوة إليه إثم وحضوره إثم”.